هذا ما يريده لنا الأعداء يا عباد الله فضيلة الشيخ صالح بن عبد الله الفوزان حفظه الله .

هذا ما يريده لنا الأعداء  يا عباد الله فضيلة الشيخ صالح بن عبد الله الفوزان حفظه الله 

إن الله يطلب منّا أن نجتمع على كتاب الله وأن يكون لنا هو الهادي والمرشد الذي نسير عليه وأن نترك الأهواء والمخالفات والآراء ونتمسك بحبل الله عز وجل مجتمعين فجماعة المسلمين كلها مرجعها شيء واحد هو كتاب الله عز وجل .

ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يرضى لكم ثلاثًا ويكره لكم ثلاثًا، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاّه الله أمركم . ويكره لكم ثلاثًا ـ القيل والقال ـ وكثره السؤال وإضاعة المال ) (1) .

هذه الثلاث التي يكرهها الله لنا . .

 فقوله صلى الله عليه وسلم  : ( أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا ) ، هذا فيه إصلاح العقيدة من الشركيات والبدع والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان . 

لا يكون هناك مناهج غير الكتاب والسنة

لا يكون لنا طُرق لا يكون لنا متبوعون غير الكتاب والسنة

يقول الله سبحانه وتعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }(2) . 

نرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله نرجع إليهما ونصدر عنهما .

اتباع الكتاب والسنة طريق للاجتماع وهذا ضمان من الاختلاف والتفرق أما إذا أحدثنا مناهج وطرقًا وسننًا مخالفة للكتاب والسنة فإننا نهلك

كما قال سبحانه وتعالى : { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (3).

وقد خطّ النبي صلى الله عليه وسلم خطًّا مستقيمًا وخط عن يمينه وشماله خطوطًا مِعوَجّة  وقال للمستقيم هذا سبيل الله

وقال للمعوجة هذه سُبل وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو الناس إليها(4) . 

هذا توضيح من النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الآيات الكريمة وبيان واضح أن من ترك الاعتصام بكتاب الله فإنه يذهب مع الشيطان ومع الطرق المعوجة .

وقوله تعالى  : { وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا (5) 

هذه الآية نزلت في حادثة وقعت بين الأنصار بسبب إفساد اليهود كان بين الأنصار قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حروب طاحنة فقد كانت بينهم حرب بعاث التي استمرت أكثر من مائة سنة وهي بين الأوس والخزرج وهم أولاد عم وفي بلد واحد .

فلما هاجر إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم وآمنوا بالله ورسوله طَفِئَتْ هذه الحرب وأصبحوا إخوانًا متحابين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة وكانوا يجتمعون ويتحادثون محادثة مودة .

حرص اليهود على إثارة الفتنة بين المسلمين

فلما رأى اليهود ذلك غاظهم فجاء شيطان منهم وجلس بين الأنصار وهم يتحادثون فيما بينهم، فجعل يذكر لهم الحروب التي كانت بينهم في الجاهلية والثارات وجعل يُنشد الأشعار التي يقولها بعضهم في بعض، من أشعار السب والشتم .

فعند ذلك دَبّتِ الفتنة بين الأنصار بسبب هذا اليهودي الذي أثار بينهم نعرة الجاهلية وصار في نفوس بعضهم على بعض ثم تثاور الحيان وأمروا بإحضار الأسلحة وتواعدوا في الحرّة من الغد، 

فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك جاء إليهم وجلس بينهم وقال صلى الله عليه وسلم : 

( أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ) ، ثم أنزل الله ـ تعالى ـ هذه الآية : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ، وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } (6).

فعند ذلك أذهب الله ما في قلوب الأنصار من الحقد والبغضاء فيما بينهم وقام بعضُهُم وسلّم على بعض وتعانقوا وذهب ما بينهم الذي أثاره هذا اليهودي(7) .

فانظروا يا عباد الله ماذا يصنع بنا الأعداء قديمًا وحديثًا يريدون أن يفرقوا جماعتنا، يريدون أن يشتتوا شملنا يريدون أن لا نجتمع على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

هذا ما يريده لنا الأعداء .

وهذه الحادثة التي سمعتم شيئًا منها وسمعتم ما أنزل الله فيها من قرآن فيها عبرة لنا في أن الأعداء يغيظهم إذا اجتمعنا على كتاب الله وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

فالأعداء يحاولون أن يلقوا بيننا العداوة والبغضاء وأن يفرقوا جماعتنا وأن يشتتوا شملنا وأن يعيدوا بيننا النخوة الجاهلية .

 فلنحذر من ذلك .

 ولهذا قال الله تعالى  : { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ } ،

 فالتفرق شر وبلاء وفتنة ولا يحسم ذلك الشر إلا بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

وفي الحديث الذي سمعتم قوله صلى الله عليه وسلم : ( أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاّه الله أمركم ) (8).

هذا الحديث أمرنا فيه صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشياء :

بوحدة العقيدة : في قوله : ( أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا ) .

وبوحدة المرجع والمصدر الذي نرجع إليه في حل مشاكلنا في قوله : { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ .

وبوحدة القيادة في قوله : ( وأن تناصحوا من ولاّه الله أمركم ) .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة ) ، قلنا لمن يا رسول الله ؟ قال : ( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )(9) .

 مناصحة ولاة الأمور والنصيحة لهم وطاعتهم في المعروف .

 كما قال ـ تعالى ـ : { أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ } (10)  .

هذا مما يحصل به الاجتماع والائتلاف والقوة للمسلمين .

فهذه الأمور الثلاثة : وحدة العقيدة، ووحدة المصدر، ووحدة القيادة إذا تجمعت للمسلمين فإنه قد اجتمع لهم الخير كله


المملكة العربية السعودية 

وهذه الثلاثة والحمد لله مجتمعة لنا الآن، عقيدتنا عقيدة التوحيد شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله .

كون هذه البلاد بلاد التوحيد الخالص

وهي عقيدة التوحيد الخالص فليس عندنا والحمد لله شيء من مظاهر الشرك التي توجد في البلاد الأخرى ـ بلادنا بلاد التوحيد وبلاد العقيدة وبلاد الدعوة كما كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا تزال - إن شاء الله - .
وكذلك عندنا وحدة المصدر وهو كتاب الله وسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم فنحن والحمد لله نحكم بكتاب الله وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على الصغيرة والكبيرة نطبق الحدود، ونقيم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتنفذ الحدود .

 وهذه نعمة عظيمة من الله ـ سبحانه وتعالى ـ .

قيادتنا والحمد لله مسلمة قامت على الكتاب والسنة وعلى الدعوة إلى الله ـ عز وجل ـ لا أقول بأننا قد كملنا من كل الوجوه .

علاج الخلل والنقص الموجود في مجتمعنا 

بل عندنا نقص وعندنا خلل ولكن هذا يمكن إصلاحه بالتعاون على البر والتقوى والرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والتّناصح والعمل بقوله صلى الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامّتهم ) (11) .

 ومعنى ذلك أن نتمسك بهذه النعمة وأن نشكر الله عليها وأن نعمل على بقائها وتنميتها وأن نصلح ما يحصل فيها من الخلل بالطرق الصحيحة السليمة، بطرق العلاج السليمة الصحيحة التي أرشد إليها نبينا صلى الله عليه وسلم هذه النعمة نعمة عظيمة فلنحافظ عليها وإن لم نتمسك بها وإن لم نحرص عليها فإنها سوف تضيع من بين أيدينا .

 المصدر : وجوب التثبت من الأخبار واحترام العلماء لفضيلة الشيخ صالح بن عبد الله الفوزان حفظه الله .

(1) رواه مسلم ( 4/12/10 ) ، والإمام أحمد ( 16/8703 ) بتحقيق أحمد شاكر، ومالك في الموطأ ( 2/20/990 ) ]
(2) سورة النساء 59 
(3) سورة الأنعام 153 
(4) رواه الإمام أحمد ( 6/4142 ) ، والنسائي في الكبرى ( 6/11174، 11175 ) وابن حبان في صحيحه ( 1/141، 142 ) شاكر
(5) سورة آل عمران : الآية 103
(6) سورة آل عمران، الآيات : 102ـ 103 
(7) انظر تفسير ابن كثير - رحمه الله - ( 1/397 ) تفسير سورة آل عمران ، وانظر أسباب النزول للإمام الواحدي ص149-150 سورة آل عمران
(8) تقدّم تخريجه 
(9) رواه مسلم ( 1/2/37 ) ، وأبو داود ( 5/4944 ) ، والنسائي ( 7/4197، 4198 ص156 ) ، والإمام أحمد ( 4/102 ) ، عن تميم الداري - رضي الله عنه - 
(10) سورة النساء، الآية 59 
(11) تقدم تخريجه 
أحدث أقدم