الترجيح في مسألة تعيين النية في الصوم الشيخ محمد بن عمر بازمول حفظه الله (مفرغة).

الترجيح في مسألة تعيين النية في الصوم الشيخ محمد بن عمر بازمول حفظه الله (مفرغة).

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ"رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (1).

والحديث يدل على أن لكل عمل نية، ففيه دلالة على وجوب تعيين نية العمل

واستدل بالحديث من قال: يجب تعيين النية في الصوم، وهو أن يعتقد أنه يصوم غداً من رمضان أو من قضائه، أو من كفارة، أو من نذر، أو غير ذلك. 

وهذا مذهب مالك(2)، والشافعى فى المشهور فى مذهبه(3)، وأحمد (4)في رواية عنهوذهب أبو حنيفة(5) إلی أن صوم رمضان والنذر المعيّن يجوز بمطلق النية، وبنية النفل. وهو رواية عن أحمد(6).

 قلت : وظاهر الحدیث مع القائلین بوجوب تعیین النیة.

ومما ينبني على هذه المسألة، مسألة تعليق النية في الصوم. فهل يصح أن ينوي المسلم : إذا كان غداً من رمضان فأنا صائم وإلا فأنا مفطر؟

{لتحقيق هذه المسألة: إن النية تتبع العلم، فإن علم أن غداً من رمضان فلا بد من التعیین فی هذه الصورة فإن نوی نفلا أو صوماً مطلقا لم يجزه ؛ لأن الله أمره أن يقصد أداء الواجب علیه ، وهو شهر رمضان الذي علم وجوبه فإذا لم يفعل الواجب لم تبرأ ذمته. 

وأما إذا كان لا يعلم أن غداً من شهر رمضان، فهنا لا يجب عليه التعيين، ومن أوجب التعيين مع عدم العلم فقد أوجب الجمع بين الضدين}(7).

و کذا لا یجب علیه تعلیق النیة.

ولا يجوز له أن يُصبح يوم الشك صائماً فإن كان من شعبان أفطر وإن كان من رمضان أتمه ؛ بل الواجب عليه أن يصبح يوم الشك ناوياً للفطر فإن علم أثناء النهار أنه من رمضان أنشأ نيته وعيّنها من حين علم، لا يكلف غير هذا.

ويرجح هذا الأمور التالية(8) : 

1 - أن صوم يوم الشك نهى عنه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 

2 - ولأن الرّاجح صحة صوم الفرض بنية من النهار إذا لم يعلم وجوبه بالليل، كما إذا شهدت البينة بالنهار

3 - ولأن الرّاجح أن من تجدد له صوم بسبب كما إذا قامت البينة بالرؤية في أثناء النهار فإنه يتم بقية يومه ولا يلزمه قضاء، وإن كان قد أكل.

[المصدرالترجيح في مسائل الصوم والزكاة الشيخ محمد بن عمر بن سالم بازمول حفظه الله].


(1) أخرجه البخاري في مواضع فيها في كتاب بدء الوحي باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث رقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة باب قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنما الاعمال بالنیة» حدیث رقم (1908). و انظر جامع الاصول (11/ 55).
(2) القوانین الفقهیة ص 80 ، الفواکه الدوانی (1/ 355).
(3) الحاوي الكبير (421/3)، المهذب (1 / 244). وانظر حلية العلماء (2).
(4) المغني (94/3 - 95)، المبدع (19/3 - 20). و انظر الافصاح (1).
(5) الاختیار (129/1)، فتح القدیر (308/2). و ذکر فی الاختیار (127/1) أن الأفضل الصوم بنية مبيتة للخروج من الخلاف.
(6) الافصاح (1/ 233)، المغنی (3/ 95)، مجموع الفتاوی  (101/25).
(7) من کلام شیخ الاسلام ابن تیمیة في مجموع الفتاوی (101/25).
(8) مجموع هذه المرجحات، مسائل قرر الراجح فيها ضمن مسائل هذا الكتاب ؛ ولذلك لم أطل في تقريرها مكتفياً بهذه الإشارة، ليراجع القارىء الكريم كل مسألة منها في موضعها من هذا الكتاب. والله الموفق.
أول مدونة سلفية متخصصة في جمع تفريغات الدروس والمحاضرات والخطب وغيرها التي تخدم المنهج السلفي، والهدف من ذلك تقريب العلم الشرعي الصحيح لطلابه..
إشعار : كل حقوق التفريغ محفوظة للمدونة.
أحدث أقدم