الصيام كان معروفا في الجاهلية وفي الشرائع الأخرى


قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: "الصيام كان معروفا في الجاهلية، وفي الشرائع الأخرى، كما قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} [البقرة: 183] . وكما قالت عائشة -رضي الله عنها-: كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية [أخرجه البخاري في الصوم/باب صيام يوم عاشوراء (2002) ] . فلم تأت الشريعة الإسلامية بجديد إلا في بيان الحكمة من الصوم، وهي أنه ليس الحكمة من الصوم أن يمنع الإنسان من فضل الله -عز وجل- من شراب وطعام ونكاح، ولكن الحكمة شيء فوق ذلك، وهو تقوى الله -عز وجل-، كما قال الله تعالى حين ذكر فرض الصيام: {لعلكم تتقون} ، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» [أخرجه البخاري في الصيام/باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم (1903) ] . فالحاجة هنا: بمعنى الإرادة، يعني أنه ليس لله إرادة أن يدع الإنسان طعامه وشرابه بدون أن يدع قول الزور والعمل به والجهل، وإن قوما يمسكون عن ملاذهم، ويتقون الله -عز وجل- شهرا كاملا، لابد أن تتغير مناهجهم؛ ولهذا كان شهر الصيام -لمن وفق- تربية عظيمة للنفس، بالصبر، والتحمل، والتقوى، وكثرة الطاعات.
وفي قوله عز وجل: {فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم} الإشارة إلى معنى نفيس، وهو أن لا يريد الإنسان بالجماع مجرد نيل الشهوة، بل ابتغاء ما كتب الله له، يعني من الذرية، وهو إذا نوى هذا حصل له هذا وهذا، فلا يفوته إذا نوى ابتغاء ما كتبه الله له أن لا يكون له ذرية، بل يحصل على هذا وعلى هذا، ولهذا قال بعض المفسرين في قوله: {ما كتب الله} أي: بطلب الولد. المصدر:  التعليق على رسالة حقيقة الصيام وكتاب الصيام من الفروع ومسائل مختارة منه، ص13.
أحدث أقدم