شرح حديث عائشة رضي الله عنها في قصة حادثة الإفك، في حديث طويل أن صفوان بن معطل رضي الله عنه كان يأتي من وراء الجيش يتفقده بعدهم - إذ رأى سواد إنسان نائم، فأتاه - وكانت عائشة رضي الله عنها قد أخذها النوم وهي تنتظر تفقد الجيش لها - قالت: "كان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني قد عرس من وراء الجيش، فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم فأتى فعرفني حين رآني، وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب علي، فاستيقظت باسترجاعه، حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، ووالله ما يكلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه ، حتى أناخ راحلته، فوطئ على يدها فركبتها ، فانطلق يقود بي الراحلة، حتى أتينا الجيش"، الحديث. (1)
حديث عن الحجاب
السطر الأول في هذا الحديث دليل على أن احتجاب النساء من الرجال لم يكن فى أول الإسلام، وأنهم كانوا يرون النساء، ولا يستتر نساؤهم، عن رجالهم، إلا بمثل ما كان يستتر رجالهم حتى نزلت آيات الحجاب. (2)
شرح مفردات الحديث
(قد عَرَّسَ من وراء الجيش) : التعريس : نزول المسافر آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة ، وقيل: هو النزول أي وقت كان؛ والمشهور الأول. (3) (فأدلجَ) : بتشديد الدال وهو السير آخر الليل. (4) (فرأى سواد إنسان) : أي شخصه. (5)(فاستيقظت باسترجاعه) : أي انتبهت من نومي بقوله: إنا لله وإنا إليه راجعون. (6) (فخمرت عن وجهى بجلبابى): أي غطيته. (7)
دليل تغطية الوجه "فخمرت وجهي بجلبابي"
الدليل: قولها رضي الله عنها: "فأتى فعرفني حين رآني، وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب علي، فاستيقظت باسترجاعه، حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي".
( فأتى فعرفني حين رآني ): هذا يشعر بأن وجهها انكشف لما نامت لأنه تقدم أنها تلففت بجلبابها ونامت، فلما انتبهت باسترجاع صفوان بادرت إلى تغطية وجهها. (8)
( وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب علي ) : أي قبل نزول آية الحجاب (9): قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} سورة الأحزاب، الآية 53؛
فدل ذلك على أن بعد الحجاب ما ترى الوجوه، إنما كان الرؤية قبل الحجاب، أما بعد الحجاب فكن يخمرن وجوههن. (10) لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}سورة الأحزاب، الآية 59.
فدل ذلك على أن بعد الحجاب ما ترى الوجوه، إنما كان الرؤية قبل الحجاب، أما بعد الحجاب فكن يخمرن وجوههن. (10) لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}سورة الأحزاب، الآية 59.
ومما يؤيد صحة ما وقع في هذا الحديث أن الحجاب كان قبل قصة الإفك قول عائشة رضي الله عنها أيضا في هذا الحديث: «أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش عنها».
فدال ذلك على أن زينب رضي الله عنها كانت حينئذ زوجته صلى الله عليه وسلم ولا خلاف أن آية الحجاب نزلت حين دخوله صلى الله عليه وسلم بها فثبت أن الحجاب كان قبل قصة الإفك. (11)
(فخمرت) أي غطيت (وجهي بجلبابي) أي الثوب الذي كان عليها. (12)
وجه الدلالة عند القائلين بوجوب تغطية المرأة لوجهها وكفيها عن الرجال الأجانب
اقرأ أيضا: تفسير آية وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب.
المصادر والمراجع
(1) أخرجه مسلم: (۲۷۷۰) والبخاري: (٤١٤١)، (٤٧٥٩)(2) التمهيد لابن عبد البر على موطأ الإمام مالك (٨ - ٢٣٠)
(3) شرح حديث : "فأتى فعرفني حين رآني، وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب علي، فاستيقظت باسترجاعه، حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي".صحيح مسلم بشرح النووي (9-88)
(4) صحيح مسلم بشرح النووي (9-88)
(5) صحيح مسلم بشرح النووي (9-88)
(6) صحيح مسلم بشرح النووي (9-88)
(7) صحيح مسلم بشرح النووي (9-88)
(8) فتح الباري شرح صحيح البخاري (9-307)
(9) فتح الباري شرح صحيح البخاري (9-307)
(10) الرد على من يقولون إن الحجاب ليس تغطية الوجه، ابن باز
(11) فتح الباري شرح صحيح البخاري (9-307)
(10) الرد على من يقولون إن الحجاب ليس تغطية الوجه، ابن باز
(11) فتح الباري شرح صحيح البخاري (9-307)
(12) فتح الباري شرح صحيح البخاري (9-307)