سبعون مسألة مهمة في الصيام الشيخ عبد الله النجمي حفظه الله .

سبعون مسألة مهمة في الصيام للشيخ عبد الله النجمي قدم له وعلق عليه فضيلة الشيخ العلامة أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله وغفر له.

الحمد لله علَّمَ بالقلم, علَّمَ الإنسان ما لَم يعلم, والصلاة والسلام على النبي المصطفى, والحبيب المجتبى, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً, أمَّا بعد:

فهذه مسائل فقهية في الصيام جَمَعْتُها من كلام أهل العلم الموثوق بعلمهم قديِماً وحديثاً, فما كان فيه من صواب فمن الله؛ وما كان فيه من خطأ فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان, وأسأل الله تعالى أن يرزقني العلم النافع والعمل الصالِح والإخلاص في القول والعمل.

المسألة الأولـى : حكم صيام يوم الشك وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون الرؤية غيم أو قتر 

قال شيخنا أحْمد بن يَحيىٰ النجمي رحِمه الله: «لا يَجوز صيام يوم الشك بنية الاستقبال لرمضان, وهل يُحمل على الكراهة أو على التحريِم؟ هذا مَحلُّ نظر وخلاف بين أهل العلم, والقول بأنَّه مُحرَّمٌ هذا هو الأقرب للصواب».

 قلت: من الأدلة الدالَّة على التحريِم حديث أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ ٱللهِ  : «لاَ تَقَدَّمُواْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْنِ؛ إِلاَّ رَجُلاً يَصُومُ صَوْماً فَلْيَصُمْهُ» رواه مسلم.

 وحديث صلة بن زفر عن عَمَّارٍ: «مَنْ صَامَ ٱلْيَوْمَ ٱلَّذِي يَشُكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَىٰ أَبَا ٱلْقَاسِمِ », والحديث علقه البخاري ووصله أبو داود والترمذي وابن ماجة والنسائي وحسنه الحافظ ابن حجر رحِمه الله, وحديث ٱبْنُ عَبَّاسٍ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ ٱللهِ صلى الله عليه وسلم : «صُومُواْ لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُواْ لِرُؤْيَتِهِ؛ فَإِنْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سَحَابٌ فَأَكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ؛ وَلاَ تَسْتَقْبِلُواْ ٱلشَّهْرَ ٱسْتِقْبَالاً» رواه أحْمد والنسائي.

 وحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ ٱللهِ يَتَحَفَّظُ مِنْ هِلاَلِ شَعْبَانَ مَا لاَ يَتَحَفَّظُ مِنْ غَيْرِهِ, يَصُومُ لِرُؤْيَةِ رَمَضَانَ؛ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْهِ عَدَّ ثَلاَثِينَ يَوْماً ثُمَّ صَامَ» رواه أحْمد والدارقطني وقال إسناده حسن, ولا شكَّ أنَّ في هذه الأحاديث دلالة واضحة على المنع من صوم يوم الشك بل إنَّ عمَّاراً ذكر أنَّ من صامه كان عاصياً للنبي صلى الله عليه وسلم  , ثُمَّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد نَهىٰ عن تقدُّمِ رمضان بصوم يوم أو يومين, وعن استقبال رمضان بالصيام إلاَّ لِمن كان له عادة بالصيام؛ كصوم الاثنين والخميس, والأصل في النهي التحريِم إلاَّ أن يصرفه صارفٌ؛ ولا صارف هنا. والقول بالتحريِم هو مذهب الإمام مالك والإمام الشافعي وهو رواية عن الإمام أحْمد وأكثر أهل العلم.

المسألة الثانية : إذا رئي هلال رمضان في بلد هل يلزم جَميع البلدان الإسلامية أم لكل بلد رؤيتهم.

ذهب جُمهور العلماء إلى أنَّ الرؤية في أي بلد من بلاد المسلمين ملزمة لِجميع البلاد بالصوم, وذهب بعض أهل العلم إلى أنَّ لكل بلد رؤيتهم ولا يلزمهم رؤية غيرهم؛ وهو قول للشافعية والحنابلة, وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحِمه الله وقول للشافعية والحنابلة أنَّه إن كانت البلاد قريبة فإن رؤية أهل بلد الهلال ملزمة لباقي البلاد القريبة بالصوم؛ وإن كانت بعيدة فلا يَجب الصوم عليهم؛ وقيَّده شيخ الإسلام ابن تيمية ببلوغ الخبر.

قال شيخنا أحْمد بن يَحيَىٰ رحِمه الله: «الذي يظهر لي في هذه المسألة وفي هذا الزمن الذي قد تبيَّن فيه واتضح وضوحاً لا مزيد عليه أنَّ البلدان مُختلفة باختلاف مطالعها, وعلى هذا فإنَّه لو رُئِيَ الهلال في مشرق الأرض لزم من بعده من جهة مغربِها من باب أولى, فمثلاً لو رُئِيَ الهلال في باكستان لزم من بعد هذه الدولة من الدول الأخرى التي يأتي وقت مغيب الشمس فيها بعد باكستان؛ تلزمهم جَميعاً, لأنَّه إذا تقدمت الشمس على القمر في الباكستان مثلاً لزم أن تتقدم عليه أكثر فيما هو بعدها في التوقيت, وكذلك لو وجدت الرؤية في السعودية مثلاً فإنَّه يلزم الصوم على من بعدها ولا يلزم على من قبلها, فمثلاً إذا ثبتت الرؤية في السعودية كما قلنا مثلاً لزم السودان ومصر ومن بعدهم من دول أفريقيا وأوروبا التي يأتي مغيب الشمس فيها بعد السعودية, ولا يلزم من قبلها كالباكستان وأفغانستان والعراق وما أشبه ذلك لأنَّه قد علم الآن بأنَّ ما بعد كلِّ بلد أي ما كان بعدها إلى جهة المغرب فإنَّ الغروب فيه متأخرٌ أي بعد البلد الذي قبله من جهة المشرق, وهذا أمرٌ أصبح معروفاً لا يتمارى فيه اثنان لأنَّه أصبح من المحسوس وهذا هو القول الفصل في هذه المسألة».

المسألة الثالثة : إذا تأخر الإعلان عن دخول شهر رمضان ولَم يعلم به إلاَّ بعد طلوع الفجر فما الحكم؟

الحكم في هذا أنَّه يَجب عليك الإمساك عن جَميع المفطرات بدخول شهر رمضان لأنَّ المسلم البالغ العاقل القادر الخالي من الموانع لا يَجوز له أن يناول مُفَطِّراً في نَهار رمضان إلاَّ أنَّ صَوْمَ هذا اليوم لا يُجزئ عن صيام أول يوم من رمضان لأنَّك لَم تبيِّت النية من الليل وقد قال: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ ٱلصِّيَامَ قَبْلَ ٱلْفَجْرِ فَلاَ صِيَامَ لَهُ» رواه مالك وأحْمد والأربعة وغيرهم وصححه الدارقطني والخطَّابي والبيهقي والنووي وحسنه السيوطي وقال ابن كثير: إسناده حسن جيد. وعليك أن تقضي يوماً مكانه وهو قول عامة الفقهاء ذكره ابن عبد البر وابن قدامة.

المسألة الرابعة : شخصٌ بدأ الصوم في بلد ثُمَّ أكمله في بلدٍ آخر وكانت البلد التي بدأ فيها متقدمة في الصوم على البلد التي أكمل فيها الصوم, فكيف يصنع؟

قال شيخنا أحْمد بن يَحيىٰ النجمي رحِمه الله: «يَجب أن يرتبط بالبلد الذي يقدم إليه؛ سواءً كان ذلك في تأخر الغروب أو في تأخر الهلال, إلاَّ أنَّه إذا بدأ الصوم في بلد دخل في الصيام قبل البلد الذي قدم إليه وصام أهل البلد الذي قدم إليه ثلاثين يوماً فإنَّه يَجب عليه أن يُفطر إذا بلغ صومه بالنسبة للبلد التي بدأ بالصوم فيها أكثر من ثلاثين يوماً بالنسبة للبلد التي قدم إليها؛ وينبغي أن يُفطِرَ سرّاً, وبالله التوفيق».

المسألة الخامسة :حكم الاحتياط في الإمساك قبل الفجر والفطر بعد ظهور الليل

هذا العمل خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم (1), وموافقة لطريقة اليهود والنصارى ومن وافقهم من الشيعة الرافضة, والسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم تعجيل الفطر؛ فَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ ٱللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَزَالُ ٱلنَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُواْ ٱلْفِطْرَ» رواه البخاري ومسلم. وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ ٱللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَزَالُ أُمَّتِي عَلَىٰ سُنَّتِي مَا لَمْ تَنْتَظِرِ ٱلنُّجُومَ» رواه ابن حبان بسند صحيح وأصله في الصحيحين.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ ٱلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَزَالُ ٱلدِّينُ ظَاهِراً مَا عُجِّلَ ٱلْفِطْرُ, لأَنَّ ٱلْيَهُودَ وَ ٱلنَّصَارَىٰ يُؤَخِّرُونَ» رواه أبو داود وابن حبان وسنده حسن.

أمَّا السحور فالمستحب تأخيره إلى قُبَيْل الفجر؛ لِحديث أَنَسٍ رضى الله عنه عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضى الله عنه أَنَّه قَالَ: «تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ ٱللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَامَ إِلَىٰ ٱلصَّلاَةِ, قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ ٱلأَذَانِ وَ ٱلسَّحُورِ؟ قَالَ: قَدْرَ خَمْسِينَ آيَةٍ» رواه البخاري ومسلم(2).

أمَّا الاحتياط في الإمساك قبل الفجر فهذا خلاف السنة, قال الحافظ ابن حجر رحِمه الله في الفتح ج4 ص199 : «من البدع المنكرة ما حدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريِم الأكل والشرب على من يريد الصيام زعماً مِمَّن أحدثه أنَّه للاحتياط في العبادة ولا يعلم بذلك إلاَّ آحاد النَّاس وقد جرَّهم ذلك إلى أن صاروا لا يؤذنون إلاَّ بعد الغروب بدرجة لتمكين الوقت زعموا فأخروا الفطر وعجلوا السحور وخالفوا السنة فلذلك قلَّ عنهم الخير وكثر فيهم الشرُّ؛ والله المستعان».

المسألة السادسة : حكم من أكل أو شرب شاكاً في طلوع الفجر أو غروب الشمس. 

قال سَماحة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز رحِمه الله في فتاويه ج15 ص290-291: «من أكل أو شرب شاكاً في طلوع الفجر فلا شيء عليه وصومه صحيح ما لَم يتبَيَّن أنَّه أكل أو شرب بعد طلوع الفجر؛ لأنَّ الأصل بقاء الليل والمشروع للمؤمن أن يتناول السحور قبل وقت الشك احتياطاً لدينه وحرصاً على كمال صيامه. أمَّا من أكل وشرب شاكاً في غروب الشمس فقد أخطأ وعليه القضاء لأنَّ الأصل بقاء النهار؛ ولا يَجوز للمسلم أن يفطر إلاَّ بعد التأكد من غروب الشمس أو غلبة الظنِّ بغروبِها».

وقال شيخنا العلاَّمة أحْمد بن يَحيَى النجمي رحِمه الله؛ في كتابه فتح الرب الودود في الفتاوى والرسائل والردود ج1 ص323: «وإذا أكل أو شرب شاكاً في طلوع الفجر ولَم يتبَيَّن فصومه صحيح ولا قضاء عليه, أمَّا إذا تبَيَّنَ أنَّه أكل أو شرب بعد اتضاح الفجر وضوحاً لا شَكَّ فيه فعليه القضاء, وكذلك إذا أفطر ظانّاً أنَّ الشمس قد غربت فتبَيَّن أنَّها لَم تغرب فعليه القضاء».

المسألة السابعة : بلع الريق للصائم.

يَجوز ابتلاع الريق ولكن يكره جَمعه وابتلاعه, وأمَّا النخامة إذا وصلت الفم فعليه عدم ابتلاعها سواءً كانت من الجوف أو الصدر أو الدماغ كما نصَّ على ذلك بعض فقهاء الحنابلة وهذا ما رجَّحه العلاَّمة ابن باز رحِمه الله بقوله: «هذه "يعنِي النخاعة" يَجب على الرجل والمرأة بصقها وإخراجها وعدم ابتلاعها». قلت: وقد قال شيخنا أحْمد بن يَحيَى النجمي رحِمه الله: «وقد ذكر بعض الفقهاء تفريقاً بين النخاعة التي من الصدر والنخامة التي من الرأس, فجعلوا النخاعة التي من الصدر لا تؤثر على الصوم والنخامة التي من الرأس جعلوها مؤثرة على الصوم, ولكن عند التأمل نرى أن كلتيهما من داخل جسد الإنسان ولا يبطل الصوم إلاَّ بِما هو من خارجه وبالله التوفيق».وقال بعض أهل العلم إنَّها ليست أكلاً ولا شرباً ولا في معناهُما فلا تأثير لَها على الصوم ولكن الأحوط لفظها وعدم ابتلاعها خروجاً من الخلاف:
وَمُسْتَحَبٌّ ٱلْخُرُوجُ يَا فَتَىٰ     مِنَ ٱلْخِلاَفِ حَسْبَمَا قَدْ ثَبَتَا

المسألة الثامنة : ذوق الطعام للحاجة.

لا بأس بذوق الطعام(3) للحاجة بشرط عدم دخوله الحلق أمَّا بلا حاجة فيكره. قال ابن عبَّاس رضى الله عنه: «لاَ بَأْسَ أَنْ يَذُوقَ ٱلْخَلَّ أَوِ ٱلشَّيْءَ مَا لَمْ يَدْخُلْ حَلْقَهُ وَهُوَ صَائِمٌ», علقه البخاري ووصله ابن أبِي شيبة والبيهقي.قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحِمه الله تعالى: «ذوق الطعام يكره لغير حاجة؛ لكن لا يفطره, وأمَّا الحاجة فهو كالمضمضة», قال شيخنا أحْمد بن يَحيَى النجمي رحِمه الله: «يعنِي أنَّه لا يُفَطِّر».

المسألة التاسعةصب الماء البارد على الرأس أو الاغتسال للصائم.

لا بأس بصب الماء البارد على الرأس أو الاغتسال للصائم وقد «كَانَ ٱلرسول صلى الله عليه وسلم يَصُبُّ ٱلْمَاءَ عَلَىٰ رَأْسِهِ وَهُوَ صَائِمٌ مِنَ ٱلْعَطَشِ أَوِ ٱلْحَرِّ», رواه أبو داود وأحْمد وسنده صحيح, قال البخاري في صحيحه باب اغتسال الصائم: «وَبَلَّ ٱبْنُ عُمَرَ رضى الله عنه  ثَوْباً فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ وَهُوَ صَائِمٌ, وَقَالَ ٱلْحَسَنُ لاَ بَأْسَ بِٱلْمَضْمَضَةِ وَٱلتَّبَرُّدِ لِلصَّائِمِ»(4).

المسألة العاشرة : المبالغة في المضمضة والاستنشاق للصائم.

إنَّ المبالغة في المضمضة والاستنشاق سنة؛ لكنها تكره للصائم(5) لِحديث لقيط بن صبرة قال: قَالَ رَسُولُ ٱللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَبَالِغْ فِي ٱلاسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمَا» رواه الأربعة وأحْمد ولِهذا قال الأصوليون: درء المفاسد مقدَّمٌ على جلب المصالِح.

المسألة الحادية عشرة : التلفظ بالنية للصائم.

التلفظ بالنية للصائم أمر مُحدثٌ مبتدع, والنية مَحلها القلب, وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحِمه الله: «مَنْ عَلِمَ أَنَّ غَداً مِنْ رَمَضَانَ فَقَدْ نَوَىٰ؛ بَلْ إِنَّ مَنْ قَامَ لِلسُّحُورِ فَقَدْ نَوَىٰ»(6).

المسألة الثانية عشرةحكم قطرة الأنف للصائم.

قال الإمام عبد العزيز بن باز رحِمه الله تعالى: «أمَّا القطرة في الأنف فلا تَجوز لأنَّ الأنف منفذ(7) ولِهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : «وَبَالِغْ فِي ٱلاسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمَا» وعلى من فعل ذلك القضاء لِهذا الحديث وما جاء في معناه إن وجد طعمها في حلقه».

المسألة الثالثة عشرة : حكم قطرة العين والأذن في نَهار رمضان.

قال العلاَّمة ابن باز رحِمه الله: «والصحيح أنَّها لا تفطر لأنَّ العين ليست منفذاً لكن لو قضى احتياطاً وخروجاً من الخلاف فلا بأس وإلاَّ فالصحيح أنَّها لا تفطر سواء كانت في العين أو في الأذن».قلت: وهذا ما رجَّحه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى وقد ذكرت اللجنة الدائمة للإفتاء ما نصه "لو أخَّرَ التقطير في عينيه وأذنيه إلى الليل كان أحوط للخروج من الخلاف" والله أعلم.قال شيخنا أحْمد بن يَحيَى النجمي حفظه الله: «مَا لَم يترتب عليه ضرر بالمريض»(8).

المسألة الرابعة عشرة : حكم استعمال الإبر في نَهار رمضان.

ذكر جَمعٌ من أهل العلم أنَّ الإبر إن كانت مِمَّا يُقصد به التغذية ويستغنى به عن الأكل والشرب فهذه مفطرة وحكمها حكم الأكل والشرب, وأمَّا إن كانت من الإبر التي لا تغذي فهذه لا تفطر لأنَّها ليست أكلاً ولا شرباً ولا في معناهُما وإنَّ الأصل صحة الصوم حتى يثبت ما يفسده بنص شرعي.

قال شيخنا أحْمد بن يَحيَى النجمي رحِمه الله: «مِمَّا حفظته عن أهل العلم سابقاً من مشايِخنا وكبار زملائي أنَّهم يفرقون بين ما يكون منها في العضل (9) وبين ما يكون في الوريد فيجعلون ما في العضل غير مفطِّرٍ؛ وما في الوريد مفطِّراً؛ سواء قصد به التغذية أم لا».

المسألة الخامسة عشرة : حكم استخدام الكحل في نَهار رمضان.

رجَّحَ شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم القول بِجوازه حتى لو وجد طعمه في حلقه وذلك لضعف الأحاديث الواردة في النهي عنه في وقت الصيام.وقال البخاري في صحيحه: لَم ير أنس والحسن وإبراهيم بالكحل للصائم بأساً.قال شيخنا أحْمد بن يَحيَى النجمي: «الأولى تركه إلاَّ لضرورة».

المسألة السادسة عشرة : حكم استعمال بَخَّاخ الربو الذي يستعمل ليخفف ضيق النفس الحاصل في الضغط وغيره.

قال الإمام ابن باز رحِمه الله: «حكمه الإباحة إذا اضطر إلى ذلك لقول الله عز وجل: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ( (الأنعام:119).ولأنَّه لا يشبه الأكل والشرب فأشبه سحب الدم للتحليل والإبر غير المغذية, قال الشيخ أحْمد بن يَحيَى النجمي رحِمه الله: «وقد سئلت عن هذا وتوقفت فيه أولاً وأردت أن أقف على الحقيقة فجاء إلي أحد السائلين بالآلة التي يستعملونَها لتخفيف الضغط فأمرت الرجل أن يضغط عليها أمام راحة يدي ولَم أر شيئاً منها له جرم(10) وإنَّما أحسست بِهواء بارد فتبين لي أنَّها لا تعدُّ مفطرة فهي كالهواء الذي يستنشقه الإنسان أو الدخان الذي يَحصل عن غير قصد, وقد ذكر بعض المتخصِّصِين بِهذه الأمور أنَّ هذه الآلة التي تستعمل للربو فيها أكسجين مضغوطولِهذا لا أرى فيها بأساً».

المسألة السابعة عشرة : حكم خروج الدم من الصائم كالرعاف والاستحاضة ونَحوها

لا يفسد الصوم بِخروج الدم من الصائم كالرعاف والاستحاضة ونَحوها ولا حرج على الصائم في تَحليل الدم عند الحاجة إلى ذلك لأنَّه إخراج وليس بإدخال(11).

المسألة الثامنة عشرة : حكم تغيير الدم لمريض الكلى وهو صائم.

قال سَماحة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز رحِمه الله في فتاويه ج15 ص275: «يلزمه القضاء بسبب ما يزوَّد به من الدم النقي, فإن زُوِّدَ مع ذلك بِمادة أخرى فهو مُفَطِّرٌ آخر».المسألة التاسعة عشرة : حكم خلع أو تنظيف أو حشو الأسنان في أثناء الصيام هل يؤثر ذلك على الصائم أم لا ؟قال سَماحة الشيخ ابن باز رحِمه الله: «ليس لِما ذُكِرَ في السؤال أثر في صحة الصيام بل ذلك معفو عنه وعليه أن يَتحفَّظَ من ابتلاع شيء من الدواء أو الدم»(12).

المسألة العشرون : حكم دواء الغرغرة؛ هل هو مفسد للصوم أم لا ؟ 

قال شيخنا أحْمد بن يَحيَى النجمي رحِمه الله: «أنا لا أرى جواز الغرغرة بل أراه مَمنوعاً ومُحرماً لأنَّه مُخاطرة بالصوم حيث إنَّ الغرغرة لا بُدَّ أن تكون في اللهوات الداخلية وإنَّ التحكم في الماء بعد أن يُجاوِزَ اللهوات صعب, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «وَبَالِغْ فِي ٱلاسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمَا» فإذا كانت المبالغة في الاستنشاق منهياً عنها فإنَّ الغرغرة فيها مُخاطرة بالصيام من باب أولى».

المسألة الحادية والعشرون: من احتاج للفطر لدفع ضرورة غيره كإنقاذ معصوم من غرق أو حريق أو هدم...

من احتاج للفطر لدفع ضرورة غيره كإنقاذ معصوم من غرق أو حريق أو هدم أو نَحو ذلك فإذا تطلَّبَ إنقاذ المعصوم فطره جاز له الفطر, وذلك كرجال الدفاع المدني إذا لَحقتهم المشقة ولزمه القضاء بعد ذلك.

المسألة الثانية والعشرون: من غلبه الجوع والعطش وخشي على نفسه التلف أبيح له الفطر.

من غلبه الجوع والعطش وخشي على نفسه التلف أبيح له الفطر دفعاً للضرر الحاصل عليه, ويستدل على ذلك بالأدلة العامة التي تنفي الحرج وتقضي بالتيسير ودفع المشقة ولزمه القضاء بعد ذلك.المسألة الثالثة والعشرون: حكم وضع المرأة الصائمة الحنَّاء على رأسها وعلى يديها ورجليها يَجوز للمرأة الصائمة وضع الحنَّاء على رأسها وعلى يديها ورجليها ولا يؤثر ذلك على صومها.

المسألة الرابعة العشرون : حكم دهن الصائم الشعر والجلد.

يَجوز أن يستعمل الصائم دهن الشعر والجلد لأنَّ مسام الجلد ليست منفذاً من منافذ الجسم إلى الجوف, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحِمه الله: «والادِّهان لا يفطر بلا ريب».

المسألة الخامسة والعشرون : حكم شم الروائح الطيبة والتطيب بالطيب.

يَجوز شم الروائح الطيبة والتطيب بالطيب. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحِمه الله: «وشم الروائح الطيبة لا بأس به للصائم»(13).

المسألة السادسة والعشرون: إذا دخل حلق الصائم غبار أو ذباب من غير قصد.

إذا دخل حلق الصائم غبار أو ذباب من غير قصد فإنَّه لا يؤثر على صومه لأنَّه دخل بدون قصد منه وهو لا يستطيع الاحتراز منه, فَعَنِ ٱبْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنه: «فِي ٱلرَّجُلِ يَدْخُلُ حَلْقَهُ ٱلذُّبَابُ؛ قَالَ: لاَ يُفْطِرُ» ذكره ابن قدامة وابن حجر عن ابن المنير.

المسألة السابعة والعشرون : كيف يصنع من يطول نَهارهم إلى إحدى وعشرين ساعة؟

قال الإمام ابن باز رحِمه الله: «من عندهم ليل ونَهار في ظرف أربع وعشرين ساعة فإنَّهم يصومون نَهاره سواء كان قصيراً أم طويلاً ويكفيهم ذلك والحمد لله ولو كان النهار قصيراً».

المسألة الثامنة والعشرون : هل يباح الفطر للمرأة الحامل والمرضع؟

قال العلاَّمة ابن باز رحِمه الله: «الحامل والمرضع حكمهما حكم المريض إذا شَقَّ عليهما الصوم لَهما الفطر وعليهما القضاء عند القدرة على ذلك كالمريض, وذهب بعض أهل العلم إلى أنَّه يكفيهما الإطعام عن كل يوم إطعام مسكين وهو قول ضعيف مرجوح, والصواب أنَّ عليهما القضاء كالمسافر والمريض لقول الله عزَّ وجل: "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ"( (البقرة:184), وقد دلَّ على ذلك أيضاً حديث أنس بن مالك الكعبي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ ٱلله َوَضَعَ عَنِ ٱلْمُسَافِرِ ٱلصَّوْمَ وَشَطْرَ ٱلصَّلاَةِ وَعَنِ ٱلْحُبْلَىٰ وَٱلْمُرْضِعِ ٱلصَّوْمَ» رواه الخمسة.

المسألة التاسعة والعشرون : ما الذي يلزم الشيخ الكبير العاجز عن الصيام عجزاً مستمراً والمريض الذي لا يرجى برؤه؟

قال الإمام البخاري رحِمه الله: «وأمَّا الشيخ الكبير إذا لَم يطق الصيام فقد أطعم أنس بعدما كبر عاماً أو عامين عن كلِّ يوم مسكيناً خبزاً ولَحماً وأفطر, وقال ابن عبَّاسٍ رضى الله عنه في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كلِّ يوم مسكيناً» البخاري ج6 ص30.وقال الشيخ ابن باز رحِمه الله: «على من عجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه إطعام مسكين عن كلِّ يوم مع القدرة على ذلك كما أفتى بذلك جَماعة من الصحابة  منهم ابن عباس رضى الله عنه ».

المسألة الثلاثون ما حكم الرجل الذي كلما أن يصوم يغمى عليه فيزبد ويخبط ويبقى أياماً لا يفيق حتى يتهم أنَّه مَجنون ولَم يتحقق ذلك منه؟

أجاب عن هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية رحِمه الله فقال: «إن كان الصوم يوجب له مثل هذا المرض فإنَّه يفطرويقضي فإذا كان يصيبه في أي وقت صام كان عاجزاً عن الصيام فيطعم عن كلِّ يوم مسكيناً».

المسألة الحادية والثلاثون ما حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر كالحائض والنفساء والمريض والمسافر؟

قال العلاَّمة ابن باز رحِمه الله: «من أخرت القضاء إلى ما بعد رمضان آخر لعذر غير شرعي فعليها التوبة إلى الله من ذلك مع القضاء وإطعام مسكين عن كلِّ يوم(14) وهكذا المريض والمسافر إذا أخر القضاء إلى ما بعد رمضان آخر من غير عذر شرعي فإنَّ عليهما القضاء والتوبة وإطعام مسكين عن كلِّ يوم. أمَّا إن استمر المرض أو السفر إلى رمضان آخر فعليهما القضاء فقط دون الإطعام بعد البرء من المرض والقدوم من السفر».

المسألة الثانية والثلاثون

الهرم الذي بلغ الهذيان وسقط تَمييزه فلا يَجب عليه الصيام ولا الإطعام عنه لسقوط التكليف عنه بزوال تَمييزه فأشبه الصبيَّ قبل التمييز(15) فإن كان يُميِّز أحياناً ويهذي أحياناً وجب عليه الصوم في حال تَمييزه دون حال هذيانه هذا إذا كان تَمييزه يستوعب يوماً كاملاً أو أياماً.

المسألة الثالثة والثلاثون حكم استعمال الفرشاة والمعجون في أثناء الصيام.

قال الإمام ابن باز رحِمه الله: «تنظيف الأسنان بالمعجون لا يفطر به الصائم كالسواك وعليه التحرز من ذهاب شيء منه إلى جوفه فإن غلبه شيء من ذلك بدون قصد فلا قضاء عليه».قال الشيخ أحْمد النجمي رحِمه الله: «رائحته نفاذة والأولى تركه».

المسألة الرابعة والثلاثون إذا طهرت الحائض أثناء نَهار رمضان وكذلك إذا قدم المسافر من سفره فهل يلزمه الإمساك أم لا؟

قال الإمام ابن باز رحِمه الله: «عليهما الإمساك في أصحِّ قولي العلماء لزوال العذر الشرعي وعليهما قضاء ذلك اليوم كما لو ثبت رؤية رمضان نَهاراً فإنَّ المسلمين يُمسكون بقية اليوم ويقضون ذلك اليوم(16) عند جُمهور أهل العلم ومثلها المسافر إذا قدم في أثناء النهار في رمضان إلى بلده فإنَّ عليه الإمساك في أصحِّ قولي العلماء لزوال حكم السفر مع قضاء ذلك اليوم».

المسألة الخامسة والثلاثون

إذا قبَّلَ الرجل امرأته وهو صائم فإنَّ ذلك لا يؤثر على صومه ما دام أنَّه لَم يُنْزل, لِمَا رَوَتْ أُمُّ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ رضي الله عنها«أَنَّ ٱلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ». (رواه الأربعة بسند صحيح).وقولُها رضي الله عنها : «وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ» فيه إشارة إلى أنَّ إباحة القبلة والمباشرة خاصة بِمن كان مالكاً لنفسه, أمَّا من لا يأمن الإنزال أو الوقوع في الجماع فذلك حرام عليه إن كانت غالباً تؤدي إلى فعل مَحظور, والأصوليون يقولون الحكم للغالب الأعمِّ(17).ومِّما يؤيد هذا القول مَا رَوَىٰ عَبْدُ ٱللهِ بْنُ عَمْرِو بْنُ ٱلْعَاصِ قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ ٱلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ شَابٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ ٱللهِ أُقَبِّلُ وَأَنَا صَائِمٌ؟ قَالَ: لاَ, فَجَاءَ شَيْخٌ فَقَالَ: أُقَبِّلُ وَأَنَا صَائِمٌ؟ قَالَ: نَعَم, قَالَ: فَنَظَرَ بَعْضُنَا إِلَىٰ بَعْضٍ, فَقَالَ رَسُولِ ٱللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ ٱلشَّيْخَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ», والحديث أخرجه الإمام أحْمد والطبراني في الكبير وهو حديث حسن.

المسألة السادسة والثلاثون

إذا قَبَّلَ الرجل امرأته أو ضَمَّ أو كرر النظر أو استمنى فأمنى فسد صومه  وعليه أن يتوب إلى الله عزَّ وجل ويُتِمَّ صومه الذي أفسده ويقضي يوماً مكانه.قال شيخنا أحْمد النجمي رحِمه الله: «إذا قلنا أنَّ الكفارة تتعلق بالجماع فقط فلا كفارة عليه فيما يظهر»(18).

المسألة السابعة والثلاثون:

من أسلم في شهر رمضان وجب عليه صوم ما يستقبله من أيام الشهر من اليوم الذي أسلم فيه إلى آخر الشهر إجْماعاً, ذكر ذلك ابن قدامة رحِمه الله, أمَّا الأيام التي مضت قبل إسلامه من الشهر نفسه فلا يَجبُ عليه قضاؤها وهو قول جُمهور العلماء منهم الأئمة الأربعة لأنَّ الأيام التي سبقت قبل إسلامه كانت في حال كفره مثلها كمثل ما سبق من رمضانات, وإذا كان إسلامه بالنَّهار وجب عليه أن يُمسك بقية اليوم ويقضيه بعد رمضان لأنَّه أدرك بإسلامه جزءاً من العبادة فلزمته كما لو أدرك جزءاً من وقت الصلاة.

المسألة الثامنة والثلاثون:

من عليه قضاء أيام يَجهل عددها فعليه أن يَحتاط ويصوم حتى يتيقَّنَ أنَّه صام كل الأيام التي في ذمته احتياطاً لدينه وتبرئة لذمته.

المسألة التاسعة والثلاثون:

من أكل أو شرب ناسياً فليس عليه شيء لِما ورد في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ ٱلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلمأَنَّهُ قَالَ: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ ٱلله ُوَسَقَاهُ», وهذا لفظ مسلم, ولِما رواه ابن خزيْمة وابن حِبَّان والحاكم والدارقطني بلفظ: «مَنْ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَاسِياً فَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلاَ كَفَّارَةَ» قال الدارقطني وابن حجر: إسناده صحيح.


المسألة الأربعون: 

إذا أفطر الصائم المسافر ثُمَّ مَرَّ ببلد غير بلده فهل يلزمه الإمساك أم لا؟أجاب عن هذه المسألة الإمام ابن باز رحِمه الله تعالى فقال: إذا مَرَّ المسافر ببلد غير بلده وهو مفطر فليس عليه أن يُمسك إذا كانت إقامته فيها أربعة أيام فأقل, أمَّا إن كان قد عزم على الإقامة فيها أكثر من أربعة أيام فإنَّه يتم ذلك اليوم الذي قَدِمَ فيه ويقضيه ويلزمه الصوم في بقية الأيام لأنَّه بنيَّته المذكورة صار في حكم المقيمين لا في حكم المسافر.

المسألة الحادية والأربعون: استعمال السواك بعد الزوال وقت الصيام.

ذهب جُمهور الشافعية والحنابلة إلى كراهة ذلك بعد الزوال ولكنَّ القول الصحيح عدم الكراهة لأنَّ خلوف فم الصائم تنبعث من المعدة ليس من الفم ولحديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه : «رَأَيْتُ مَا لاَ أُحْصِي رَسُولَ ٱللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَسَوَّكُ وَهُوَ صَائِمٌ» رواه أصحاب السنن وهو حديث حسن,وقوله صلى الله عليه وسلم : «لَوْ لاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَىٰ أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِٱلسُّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ», وفي رواية: «عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ», والحديث في الصحيحين وهو عام في كل الأوقات والعام يبقى على عمومه حتى يأتي ما يُخصصه ولا مُخصص هنا, ثُمَّ الأحاديث الواردة في النهي عن السواك بعد الزوال ضعيفة, قال ابن عمر رضي الله عنه : يستاك في أول النهار وآخره, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحِمه الله: وأمَّا السواك فجائز بلا نزاع لكن اختلفوا في كراهيته بعد الزوال على قولين مشهورين هُما روايتان عن أحْمد ولَم يقم على كراهيته دليل شرعي يصلح أن يُخصص عمومات نصوص السواك وقياسه على دم الشهيد ونَحوه ضعيف.

المسألة الثانية والأربعون :

من أصبح جنباً من أهله وقد أدركه الفجر فإنَّه يغتسل بعد الفجر ويصوم لِحديثي عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أَنَّ ٱلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم : «كَانَ يُدْرِكُهُ ٱلْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ» رواه الشيخان.وكذلك المرأة لو رأت الطهر قبل الفجر فإنَّه يلزمها الصوم ولا مانع من تأخيرها الغسل إلى بعد طلوع الفجر ولكن ليس لها تأخيره إلى طلوع الشمس بل يَجب عليها أن تغتسل وتصلي قبل طلوع الشمس, وكذلك من احتلم في نَهار رمضان فليس عليه شيء لِما رواه أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ ٱلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّه قَالَ: «إِنَّ ٱلله َتَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ» رواه الشيخان.

المسألة الثالثة والأربعون: 

حكم استعمال حبوب منع الحيض في رمضان.أجاب عن هذه المسألة العلاَّمة ابن باز رحِمه الله فقال: «يَجوز أن تستعمل المرأة أدوية في رمضان لِمنع الحيض إذا قرر أهل الخبرة الأمناء من الأطباء ومن في حكمهم أنَّ ذلك لا يضرها(19) ولا يؤثر على جهاز حَملها وخير لَها أن تكفَّ عن ذلك وقد جعل الله لَها رخصة في الفطر إذا جاءها الحيض في رمضان وشرع لَها القضاء للأيام التي أفطرتْها ورضي لَها بذلك ديناً».

المسألة الرابعة والأربعون:

الحقنة الشرجية وهي إدخال شيء من الدواء في الدبر فهي مفسدة للصوم, عند جُمهور الفقهاء لأنَّها تدخل من منفذ طبيعي وتصل إلى الجوف وما كان كذلك فهو مفطر, وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحِمه الله إلى أنَّها غير مفسدة للصوم؛ وهو ما رجَّحه سَماحة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز رحِمه الله بقوله: «حكمها عدم الحرج في ذلك إذا احتاج إليها المريض في أَصَحِّ قولي العلماء».

المسألة الخامسة والأربعون: حكم من يصوم وهو تارك للصلاة.

قال العلاَّمة ابن باز رحِمه الله: «الصحيح أنَّ تارك الصلاة عمداً يكفر بذلك كفراً أكبر وبذلك لا يصح صومه ولا بقية عباداته حتى يتوب إلى الله سبحانه لقوله تعالى: "وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ".

المسألة السادسة والأربعون: ما حكم أكل ما لا يُتغذى به كالطين والورق ونَحوهِما؟

قال ابن قدامة والنووي: «أكل ما يُتغذى به مفطِّرٌ بالكتاب والسنة والإجْماع, وكذلك أكل ما لا يتغذى به مفطِّر», قال ابن قدامة والنووي: «هو قول عامة أهل العلم من السلف والخلف».قال شيخنا أحْمد بن يَحيَى النجمي رحِمه الله: «لأنَّه يدخل الجوف».

المسألة السابعة والأربعون : هل ليلة القدر ليلة بعينها أم أنَّها تتنقل في العشر الأواخر في رمضان؟

قال شيخنا أحْمد بن يَحيَى النجمي رحِمه الله: «القول الصحيح فيما يظهر أنَّها ليلة بعينها إذ لو كانت تتنقل لَما كان لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «أُرِيتُ هَـٰذِهِ ٱلْلَيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ فِي صَبِيحَتِهَا فَٱلْتَمِسُوهَا فِي ٱلْعَشْرِ ٱلأَوَاخِرِ وَٱلْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ»(20) أي ما كان لقوله «أُرِيتُ هَـٰذِهِ ٱلْلَيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا» فائدة لو كانت متنقلة, وعلى هذا فالصحيح أنَّها معينة وأنَّها في رمضان وأنَّها في العشر الأواخر هذا ما تقتضيه الأدلة»(21).

المسألة الثامنة والأربعون: من أراد أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان فمتى يدخل معتكفه؟

قال شيخنا أحْمد بن يَحيَى النجمي رحِمه الله: «ذهب الجمهور إلى أنَّ من أراد أن يعتكف قبل غروب الشمس من يوم العشرين لأنَّ الليالي هي سابقة للأيام ومَحسوبة منها, وبذلك أخذ فقهاء الفتوى وذهب قوم إلى أنَّ المعتكف يدخل معتكفه بعد صلاة الفجر من يوم إحدى وعشرين كما في رواية عائشة: «فَإِذَا صَلَّىٰ ٱلْغَدَاةَ جَاءَ مَكَانَهُ ٱلَّذِي ٱعْتَكَفَ فِيهِ» إلاَّ أنَّ التعبير بـ(ٱعْتَكَفَ) الذي هو صيغة الماضي يدل على تأويل من قال أنَّ المراد أنَّه يدخل معتكفه الذي اعتكف فيه لينفرد به فهذه العبارة لا تدلُّ على أن دخوله هذا هو الدخول الأول في الاعتكاف.وفرَّقَ بعضهم بين من نوى شهراً وبين من نوى يوماً والاحتمال وارد»(22).

المسألة التاسعة والأربعون: ما مقدار زكاة الفطر بالصاع وبالكيلو جرام ؟

قال شيخنا أحْمد بن يَحيَى النجمي رحِمه الله: «زكاة الفطر صاع نبوي من غالب قوت البلد أمَّا بالكيلو جرام فإنَّ الصاع يقدَّرُ بكيلوين وربع, والأحسن عندي أن يدفع الشخص كيلوين ونصفاً, فالقطمة(23) ذات عشرة كيلو تكفي عن أربعة أشخاص وبالله التوفيق».

المسألة الخمسون: هل يشترط في قضاء رمضان أن يكون متتابعاً أم يصحُّ أن يكون متفرقاً ؟

الجواب: الذي عليه جَماهير العلماء من السلف والخلف ومنهم الأئمة الأربعة أنَّ الأفضل أن يقضي ما عليه من صوم رمضان متتابعاً تشبيهاً له بالأداء وإبراءً للذمة واحتياطاً للدين ومسابقةً في عمل الخير لقوله تعالى: (وَسَارِعُواْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَٰوَاتُ وَ ٱلأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقٍينَ) (آل عمران:133), لكن ذلك ليس بواجب؛ بل لو صامه متفرقاً جاز لقوله تعالى: (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرْ) (البقرة:185).

وقد سُئِل النبي صلى الله عليه وسلم عن تقطيع قضاء صوم رمضان فقال: «ذَلِكَ إِلَيْكَ؛ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَىٰ أَحَدِهِمْ دَيْنٌ فَقَضَىٰ ٱلدِّرْهَمَ وَ ٱلدِّرْهَمَيْنِ أَلَمْ يَكُنْ قَضَىٰ ؟ فٱلله ُأَحَقُّ أَنْ يَعْفُو وَيَغْفِرْ» والحديث رواه الدارقطني ج2 ص194 وقال إسناده حسن إلاَّ أنَّه مرسل, وقال ابن القيم: إسناده حسن وفي الباب أحاديث أخر يقوي بعضها بعضاً, قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير في الباب عن أبي عبيدة ومعاذ بن جبل وأنس وأبي هريرة ورافع بن خديج(24).

وقد قال ابن عبَّاس رضي الله عنه: «لا بأس أن يُفَرِّقَ». علقه البخاري ووصله عبد الرزَّاق والدارقطني وابن أبي شيبة وسنده صحيح وفي المسألة آثار عن الصحابة تفيد ذلك.وعلى هذا فيكون وقت القضاء موسعاً من بعد رمضان إلى ما قبل رمضان الثاني ما عدا أيام العيدين والتشريق فلا يَجوز صومها إلاَّ من لَم يَجد الهدي فيجوز له صيام أيام التشريق. ولا يَجب التتابع إلاَّ في حالة واحدة وهي إذا لَم يبق من دخول رمضان الثاني إلاَّ أيام بقدر التي عليه قضاؤها فحينئذٍ يتحتَّمُ التتابع حتى ينتهي من صومها مع نِهاية شعبان(25).

المسألة الحادية والخمسون: هل الشيشة والدخان تعتبر مفسدة للصوم أم لا ؟

أجاب عن هذه المسألة شيخنا أحْمد بن يَحيَى النجمي رحِمه الله فقال: «والجواب: نعم, أولاً: لأنَّها من الخبائث والصوم لا يتلاءم مع الخبائث. ثانياً: أنَّ الدخان الذي يشربه مُختاراً له جرم ويؤثر عليه بِحيث إنَّه يرتاح وعلى هذا فإنَّه يكون من المفطرات لكونه مقصوداً به الارتياح النفسي والانتعاش الجسمي فيما يَحسبه المولع بِهذه المادة الخبيثة والشَّمة(26) أشد. وبالله التوفيق».

المسألة الثانية والخمسون: هل البخور يعتبر مفسداً للصوم أم لا ؟

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحِمه الله تعالى: «فإذا كانت الأحكام التي تعمُّ بِها البلوى لا بدَّ أن يبيِّنَها الرسول صلى الله عليه وسلم بياناً عامّاً ولا بدَّ أن تنقل الأمة ذلك فمعلوم أنَّ الكحل ونَحوه مِمَّا تعمُّ به البلوى كما تعمُّ بالدهن والاغتسال والبخور والطيب فلو كان هذا مِمَّا يفطر لبينه النبي صلى الله عليه وسلم كما بيَّنَ الإفطار بغيره فلمَّا لَم يبيِّن ذلك علم أنَّه من جنس الطيب والبخور والدهن فالبخور يتصاعد إلى الأنف ويدخل في الدماغ وينعقد أجساماً والدهن يَتَشَرَّبُ البدن ويدخل إلى داخله ويتقوى به الإنسان وكذلك يتقوى بالطيب قوة جيدة فلمَّا لَم ينه الصائم عن ذلك دَلَّ على جواز تطيبه وتبخره وادِّهانه وكذلك اكتحاله»(27).

وقال شيخنا أحْمد بن يَحيَى النجمي رحِمه الله عندما سُئِلَ عن البخور هل هو مفسدٌ للصوم أم لا فأجاب رحِمه الله: «الجواب: لا؛ لأنَّه كسائر الدخان الذي يَحصل للإنسان أن يستنشقه بدون قصد وقد كُنَّ نساء الصحابة يعالِجنَ الطبخ ولا بدَّ أن يَحصل فيه من الدخان ما يَحصل ولَم ينهَهُنَّ النبي عن ذلك ولو نَهاهُنَّ صلوات الله وسلامه عليه لكان في ذلك تَحريج على الأمة.أمَّا ما سبق أنَّ الدخان الذي هو السيجارة أو الشيشة أو الغليون أنَّه مفسدٌ للصوم فذلك أنَّه من الخبائث كما قلنا ولأنَّه مطلوبٌ للانتعاش الجسمي فلذلك كان مفطراً».

المسألة الثالثة والخمسون: هل يعتبر المذي مفسداً للصوم ؟

ذهب الحنابلة والمالكية إلى أنَّه مفسدٌ للصوم, لأنَّه خارجٌ يُمكن التحرز منه.وذهب الشافعية والأحناف إلى أنَّ المذي غير مفسدٍ للصوم, لأنَّ المذي لا يوجب الغسل.

قال شيخنا أحْمد بن يَحيَى النجمي رحِمه الله عندما سُئِلَ عن المذي هل هو مفسدٌ للصوم ؟ أم لا ؟: «الجواب: لا؛ لأنَّ المذي مِمَّا تعم به البلوى ولأنَّه يكثر خروجه عند الشهوة وبالأخص الشباب ذكوراً وإناثاً لذلك فإنَّه لا يُعتبر مفسداً للصوم ولأنَّه لو كان مفسداً للصوم لبيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم للناس وبالأخص الشباب الذين كانوا في زمنه, ولا يُمكن أن يترك الله شيئاً يَحتاج إلى بيان فلا يبيِّنه وقد قال: (وَمَا كَانَ ٱلله ُلِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هّدّاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُمْ مَّا يَتَّقُونَ), وبالله التوفيق».

المسألة الرابعة والخمسون: من نام جَميع النَّهار ولَم يستيقظ إلاَّ بعد الغروب هل يعتبر صومه صحيحاً أم لا ؟

أجاب عن هذه المسألة شيخنا أحْمد بن يَحيَى النجمي رحِمه الله فقال:«هناك فرقٌ بين النوم الخفيف والثقيل وبين الإغماء القصير والطويل فالظاهر أنَّ النوم وإن كان طويلاً فإنَّه يعتبر صاحبه مكلَّفاً لا يسقط عنه التكليف ولكنه يرتفع التكليف مؤقتاً فإن كان متسبباً في كثرة النوم فإنَّه يكون آثِماً بتسببه وإن لَم يكن متسبباً فليس عليه في ذلك شيء وعليه أن يقضي ما فاته من الصلوات في حال النوم وصومه صحيح بِخلاف من حصل له حادث مروري أصاب الدماغ فأغميَ عليه مدة طويلة فإنَّ هذا يرتفع عنه التكليف قياساً على المجنون هذا ما يظهر لي في هذه المسألة. أمَّا الإغماء القليل فإنَّه ملحق بالنوم, وبالله التوفيق».

المسألة الخامسة والخمسون :

من أفطر في المطار أو على الطائرة قبل إقلاعها ثُمَّ رأى الشمس بعد إقلاع الطائرة فصومه صحيح ولا قضاء عليه ولا يلزمه أن يُمسك إذا رأى الشمس لأنَّه أفطر بعد حلول وقت الإفطار وهو في مكان قد غربت منه الشمس وإذا غربت الشمس أفطر.

المسألة السادسة والخمسون :

إذا أقلعت الطائرة قبل الغروب بقليل ثُمَّ زادت المدة كأن تتجه الطائرة غرباً فإنَّ الصائم لا يفطر حتى تغرب الشمس ولا عبرة بوقت البلد الذي سافر منه لأنَّ الصائم لا يفطر حتى تغرب الشمس وهذا ما حصل في مكان لَم تغرب منه الشمس فلم يدخل وقت الإفطار,والأدلة على هاتين المسألتين من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمَّا من كتاب الله تعالى قوله تعالى: (وَكُلُواْ وَ ٱشْرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ ٱلأَبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلأَسْوَدِ مِنَ ٱلْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَىٰ ٱلْلَيْلِ)(البقرة:187), فالله تعالى أباح لعباده بعد غروب الشمس الأكل والشرب وإتيان النساء إلى طلوع الفجر.أمَّا من السنة فحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِذَا أَقْبَلَ ٱلْلَيْلُ مِنْ هَاهُنَا وَأَدْبَرَ ٱلنَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا وَغَرَبَتِ ٱلشَّمْسُ أَفْطَرَ ٱلصَّائِمُ» رواه البخاري ومسلم.

المسألة السابعة والخمسون:

إذا أحست المرأة بأعراض الحيض من وجع أو انتقال ولَم ينْزل شيء إلاَّ بعد الغروب فصومها صحيح لأنَّ الحكم معلَّقٌ بوجود الحيض وهو بروزه ولَم يبرز(28).

المسألة الثامنة والخمسون: حكم من كان مريضاً ودخل عليه رمضان ولَم يصم ثُمَّ مات بعد رمضان فهل يقضى عنه أم يطعم عنه ؟

أجاب عن هذه المسألة سَماحة الشيخ الإمام عبد العزيز ابن عبد الله بن باز رحِمه الله تعالى فقال: «إذا مات المسلم في مرضه بعد رمضان فلا قضاء عليه ولا إطعام لأنَّه معذور شرعاً وهكذا المسافر إذا مات في السفر أو بعد القدوم مباشرة. أمَّا من شفي من المرض وتساهل في القضاء حتى مات فإنَّه يشرع لأوليائهما وهم الأقرباء القضاء عنهما لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» متفق على صحته. فإن لَم يتيسر من يصوم عنهما أطعم عنهما من تركتهما عن كل يوم مسكين ومقداره كيلو ونصف الكيلو جرام على سبيل المثال»(29).

المسألة التاسعة والخمسون: ما حكم صيام ست من شوال لِمن عليه قضاء من رمضان ؟

قال شيخنا أحْمد بن يَحيَى النجمي رحِمه الله: «الجواب: إن كان يُمكنه أن يَجمع بينهما فليبدأ بالقضاء وإن كان لا يُمكنه فليصم الست من شوال لأنَّ وقتها مضيق ويؤخر القضاء لأنَّ وقته موسع».

المسألة الستون : ما حكم الحامل التي ينْزل منها ماء وليس بدم ؟

قالت اللجنة الدائمة للإفتاء في الفتوى رقم 76549: «إذا كان الواقع كما ذكر فصيامها صحيح ولا قضاء عليها».

المسألة الحادية والستون : حكم الصيد في شهر رمضان.

قالت اللجنة الدائمة للإفتاء في الفتوى رقم 11583: «من قتل صيداً وهو صائم فإنَّه لا يؤثر على صيامه, فصيامك صحيح ولا قضاء عليك ولا حرج في الصيد في رمضان».قال شيخنا: «ملحوظة: لا بدَّ أن يكون مقيَّداً في غير الحرم».المسألة الثانية والستون: المسافر المستمر في طلب الرزق هل يفطر ؟قالت اللجنة الدائمة للإفتاء في الفتوى رقم 8324: «يَجوز لك في سفرك قصر الصلاة الرباعية والجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهُما ويَجوز أيضاً الفطر في شهر رمضان في سفرك ويَجب عليك قضاء الأيام التي أفطرتَها من رمضان لقوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرْ) (البقرة:185)».

المسألة الثالثة والستون: هل يَجوز الفطر بسبب الامتحانات ؟

قالت اللجنة الدائمة للإفتاء في الفتوى 9601: «الامتحان المدرسي ونَحوه لا يعتبر عذراً مبيحاً للإفطار في نَهار رمضان ولا يَجوز طاعة الوالدين في الإفطار للامتحانات لأنَّه لا طاعة لِمخلوق في معصية الخالق وإنَّما الطاعة بالمعروف كما جاء بذلك الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ».

المسألة الرابعة والستون : من يعمل في الأفران هل يَجوز له الفطر ؟

قالت اللجنة الدائمة للإفتاء في الفتوى رقم 13489: «لا يَجوز لذلك الرجل أن يفطر بل الواجب عليه الصيام وكونه يَخبز في نَهار رمضان ليس عذراً للفطر وعليه أن يعمل حسب استطاعته».

المسألة الخامسة والستون: هل حلق الشعر وقص الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة مفسدٌ للصوم ؟

قالت اللجنة الدائمة للإفتاء في الفتوى رقم 9517: «حلق الشعر وقص الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة كل ذلك لا يفطر الصائم».

المسألة السادسة والستون : من توفي أثناء شهر رمضان فهل يشرع إكمال الشهر عنه ؟

قال سَماحة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز رحِمه الله في فتاويه ج15 ص376 في جوابه لشخص: «ليس عليك شيء لأنَّ والدك لَمَّا توفي سقط عنه الواجب فليس عليك أن تقوم عنه ولا يشرع لك ذلك».

المسألة السابعة والستون : حكم صيام من أجهضت.

قالت اللجنة الدائمة للإفتاء في الفتوى رقم 10653: «إذا كان الجنين الذي وضعته فيه خلق إنسان كاليد والرجل ونَحوهِما فإنَّها تَجلس مدة النفاس حتى تطهر أو تكمِّل أربعين يوماً ثُمَّ تغتسل وتصلي وتقضي اليوم الذي وضعت فيه وما بعده من أيام الصيام الواجبة عليها ولا إطعام عليها إن قضت الصيام قبل دخول رمضان الآخر فإن طهرت قبل الأربعين اغتسلت وصلت وصامت لزوال المانع من ذلك فإن لَم يكن فيه شيء من خلق الإنسان فإنَّ صومها صحيح ويعتبر الدم دم فساد تصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاة حتى تأتيها العادة المعروفة».

المسألة الثامنة والستون : حكم استعمال المرهم والبنسلين للجروح هل يؤثر على الصيام أم لا ؟

قال شيخنا العلاَّمة أحْمد بن يَحيَى النجمي رحِمه الله في كتابه فتح الربِّ الودود في الفتاوى والرسائل والردود ج1 ص334: «وأمَّا استعمال المرهم والبنسلين للجروح فلا يضر لأنَّه لا يصل إلى الجوف».

المسألة التاسعة والستون: حكم من أفطر قبل غروب الشمس والجو غائم

قال سَماحة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز رحِمه الله في فتاويه ج15 ص289: «على من وقع له ذلك أن يُمسك حتى تغيب الشمس وعليه القضاء عند جُمهور أهل العلم ولا إثْم عليه إذا كان إفطاره عن اجتهاد وتَحرٍّ لغروب الشمس كما لو أصبح مفطراً في يوم الثلاثين من شعبان ثُمَّ ثبت أنَّه من رمضان في أثناء النهار فإنَّه يُمسك ويقضي عند جُمهور أهل العلم ولا إثْم عليه لأنَّه حين أكل أو شرب لَم يعلم أنَّه من رمضان فالجهل بذلك أسقط عنه الإثْم أمَّا القضاء فعليه القضاء».

المسألة السبعون :بعض الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة التي تنتشر في رمضان نذكرها تَحذيراً منها ولإظهار الحق فيها :

[المصدر:سبعون مسألة مهمة في الصيام الشيخ عبد الله النجمي حفظه الله تعالى]. 

     
(1) قال شيخنا رحِمه الله: «وخلافه هو بدعة».
(2) قال شيخنا رحِمه الله: «من الآيات المتوسطة بين الترتيل والحدر؛ تقريباً ربع ساعة».                              
(3) قال شيخنا رحِمه الله: «باللسان والأسنان».
(4) قال شيخنا رحِمه الله: «والذي لا يدخل من مدخل رئيسي معفوٌّ عنه».   (5) قال شيخنا رحِمه الله: «خشية أن يدخل إلى حلقه شيء من الاستنشاق».
(6) قال شيخنا رحِمه الله: «النية لا بُدَّ أن يعقدها».
(7) قال شيخنا رحِمه الله: «رئيسي».
(8) رجَّحَ شيخنا رحِمه الله أنَّ قطرة العين مثل قطرة الأنف.
(9) قال شيخنا رحِمه الله: «تكون في الورك والكتف».
(10) قال شيخنا رحِمه الله: «لا كالماء ولا كالشيء له جرم».
(11) قال شيخنا رحِمه الله: «ومثل ذلك ما يتبرعون به للمريض من الدم؛ وحكمه حكم الحجامة, والنبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم كما بوب البخاري».
(12) قال شيخنا رحِمه الله: «فإن ابتلع عامداً فعليه القضاء».
(13) قال شيخنا رحِمه الله: «هذا مِمَّا يريح الإنسان وأنَّ الشمَّ لا يؤثر في الصوم».
(14) قال شيخنا رحِمه الله: «الإطعام حال التقصير ورد عن الصحابة وما ورد في القرآن والسنة».
(15) قال شيخنا رحِمه الله: «كحال المجنون».
(16) قال شيخنا رحِمه الله: «الدليل صيام عاشوراء».
(17) قال شيخنا رحِمه الله: «الميزان في قوة الشهوة».
(18) قال شيخنا رحِمه الله: «القول الصحيح الكفارة تَجب على من انتهك حرمة رمضان بالجماع».
(19) قال شيخنا رحِمه الله: «فيها مضرة: 1. حصول الأذى منها. 2. تقطع الحيض».
(20) قال شيخنا رحِمه الله: «يُحمل أنَّ الوتر معتبرٌ بِما بقي أو معتبرٌ بِما مضى».
(21) قال شيخنا رحِمه الله: «أخفاها الله على الناس من أجل أن يَجتهدوا في العبادة».
(22) قال الشيخ أحْمد رحِمه الله: «أقلُّ الاعتكاف يوم أو ليلة كاملة».
(23) القطمة هي الكيس الصغير.
(24) قال شيخنا رحِمه الله: «هذا دليل على أنَّ قضاء رمضان لا يَجب فيه التتابع, وإنَّما قالوا إن حصل التتابع فهو
     أحسن».
(25) قال شيخنا رحِمه الله: لقول عائشة: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ ٱلصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَلاَ أَسْتَطِيعُ قَضَاؤَهُ إِلاَّ فِي شَعْبَانَ».
(26) هي (السُّوَيْكَةُ) عند بعض الناس.
(27) مَجموع الفتاوى ج25 ص241-242 .
(28) قال شيخنا رحِمه الله: «إن خرج شيء من الدم قبل الغروب ولو بدقيقة فإنَّها تقضي».
(29) قال شيخنا رحِمه الله: «هذه مرجوحة, الحق عليه قدر كيلو إلاَّ ربع».
أحدث أقدم