تعريف الجلباب لغة وشرعا

تعريف-الجلباب-لغة-وشرعا

الجلباب


كان دأب الجاهلية أن تخرج الحرة والأمة مكشوفتي الوجه في درع وخمار ، وكان الزناة يتعرضون إذا خرجن بالليل لقضاء حوائجهن في النخيل والغيطان للإماء ، وربما تعرضوا للحرة بعلة الأمة ، يقولون : حسبناها أمة ، فأمرن أن يخالفن بزيهن عن زي الإماء ، بلبس الأردية والملاحف ، وستر الرءوس والوجوه ، ليحتشمن ويهبن ، فلا يطمع فيهن. (1) ولما كانت عادة العربيات التبذل وكن يكشفن وجوههن كما تفعل الإماء، وكان ذلك داعياً إلى نظر الرجال إليهن، وتشعب الفكرة فيهن، وكانت المرأة من نساء المؤمنين قبل نزول آية الأحزاب تبرز للحاجة فيتعرض لها بعض السفهاء يظن أنها أمة فتصيح به، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم . عند ذلك أنزل الله عز وجل على نبيه قوله: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) [الأحزاب: 59] (2)

تعريف الجلباب في اللغة


الجلباب: القميص. والجلباب: ثوب أوسع من الخمار، دون الرداء، تغطي به المرأة رأسها وصدرها، وقيل: هو ثوب واسع، دون الملحفة، تلبسه المرأة، وقيل: هو المِلْحَفةُ. (3)

وقيل: الجلباب هو ما تُغطي به المرأة الثياب من فوق كالملحفة؛ وقيل: هو الخمار. وفي حديث أم عطية: "لتلبسها صاحبتها من جلبابها" أي إزارها. (4) قالت العامرية: الجلباب الخمار؛

وقيل: جلباب المرأة ملاءتها التي تشتمل بها، واحدها جلباب، والجماعة جلابيب، وقد تجلببت، وأنشد: "والعيش داج كنفا جلبابه" وقال آخر: "مجلبب من سواد الليل جلبابا". (5)

شعر رثاء في الفترة الجاهلية (4000 قبل الميلاد -622 م): قالت جنوب أخت عمرو ذي الكلب ترثيه:تَمْشِي النُّسُوْرُ إِلَيْهِ وَهِيَ لَاهِيَةٌ مَشْيَ العَذَارَى عَلَيْهِن الجَّلَابِيْبُ.


قال ابن الأعرابي: الجلباب: الإزار. (6) ومعنى قول ابن الأعرابي الجلباب الإزار لم يرد به إزار الحقو، ولكنه أراد إزارا يشتمل به، فيجلل جميع الجسد، وكذلك إزار الليل، وهو الثوب السابغ الذي يشتمل به النائم، فيغطي جسده كله. (7)

والجلباب - بكسر الجيم وسكون اللام وبموحدتين بينهما ألف - قيل: هو المقنعة، أو الخمار، أو أَعرَضُ منه، وقيل: الثوب الواسع يكون دون الرداء، وقيل: الإزار، وقيل: الملحفة، وقيل: الملاءة، وقيل: القميص. (8)

وقال صاحب القاموس المحيط: والجِلْبَابُ، كَسِرْدابٍ وسِنِمَّارٍ: القَميصُ، وثَوْبٌ واسِعٌ للْمَرأَةِ دونَ المِلْحَفَةِ، أو ما تُغَطِّي به ثِيابَها من فَوْقُ كالمِلْحَفَةِ، أو هو الخِمارُ . (9)

وقد تَجَلْبَبَ. وقيل في وصف الشيب: حتى اكتسى الرأس قناعا أشهبا أكره جلباب لمن تجلببا

وقيل: الجلابيب: الردية التي تستر من فوق إلى أعلى، قال ابن جبير : الجلابيب : هي المقنع، وقيل الملاحف، وقيل : كل ما تتستر به من كساء أو غيره. قال السدي: تغطى إحدى عينيها وجبهتها والشق الآخر إلا العين. (10)

والجلباب: الإزار والرداء، وقيل: الملحفة، وقيل: هو كالمقنعة تغطي به المرأة رأسها وظهرها وصدرها،. وجمعه جلابیب). ثم قال بعد ثلاثة أسطر: «ومنه حديث أم عطية: "لتلبسها صاحبتها من جلبابها". (11)

خلاصة مفهوم الجلباب في اللغة


إن المتأمل في هذا التعريفات اللغوية يجد أن الإزار والملاءة والرداء ألفاظ متعددة لمسمى واحد هو الجلباب.

فالجلباب هو الملاءة ، وهو الذى يسميه ابن مسعود وغيره: الرداء، وتسميه العامة: الإزار، وهو الإزار الكبير الذى يغطى رأسها وسائر بدنها. (12)

قال البغوي: الجلباب: هو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار. وقال ابن عباس وأبو عبيدة : أمر نساء المؤمنين أن يغطين رؤسهن ووجوههن بالجلابيب إلا عينا واحدة ليعلم أنهن حرائر. (13)

والجلباب: في لغة العرب التي خاطبنا بها النبي ﷺ هو: ما غطى جميع الجسم لا بعضه. (14)

الجلباب: القميص ثوب واسع، دون الملحفة، تلبسه المرأة، والملحفة: ما ستر اللباس، أو الخمار، وهو كل ما غطى الرأس. (15)

قال الخليل : كل ما تستر به من دثار و شعار وكساء فهو جلباب. (16)

وقال ابن كثير : الجلباب هو الرداء فوق الخمار، قاله ابن مسعود وعبدية السلمانى وقتادة والحسن البصري وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وعطاء الخراساتي، وغير واحد .أ.هـ". (17)

فنلحظ هنا: من هذا الحشد الهائل من كلام السلف الصالح والتابعين أنه لا فرق بين الجلباب والقناع والرداء والملاءة والملحفة، فكلها ألبسة تستر المرأة من فوقها إلى قدمها؛ وهذه المعاني للجلباب وإن اختلفت ألفاظها فإنها تدل جميعها على غطاء جميع البدن. فلا تغتر بمن خرجت متبرجة وسافرة عن وجهها ثم تدعى أنها متحجبة.

تعريف الجلباب شرعا


الجلباب في الاصطلاح الشرعي: هو الملاءة التي تلتحف بها المرأة فوق ثيابها، وهذا هو الصحيح، وهو مراد الشافعي - رحمه الله -، والمصنف والأصحاب هنا، وهو مراد المحاملي وغيره بقولهم: هو الإزار، وليس مرادهم الإزار المعروف الذي هو المئزر» (18)

قال القرطبي : "والصحيح أنه الثوب الذي يستر جميع البدن". ثم أيد ذلك بقوله: «وفي صحيح مسلم عن أم عطية، قلت: يا رسول الله! إحدانا لا يكون لها جلباب، قال: "لتلبسها أختها من جلبابها". (19)

قال بعضهم: هو أن يغطين وجوههن ورءوسهن فلا يبدين منهن إلا عينا واحدة.

عن ابن سيرين قال: سألت عبيدة عن قوله: (قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ) قال: فقال بثوبه، فغطى رأسه ووجهه، وأبرز ثوبه عن إحدى عينيه. (20)

فالجلباب: "هو الملاءة التي تلتحف بها المرأة فوق ثيابها، تستر جميع بدنها وملابسها، ووجهها، وتبدي عينا واحدة، أو العينين فقط".

والتعريف المختار للجلباب شرعا : هو الرِّداء أو الملاءة أو المِلحَفة، يعنى: الشئ الواسع الذي يشمل جميع البدن أو أكثره، وهي تشبه العبادة عندنا. (21)

الجلباب يرادف الحجاب


وعلى هذا؛ فالجلباب يرادف الحجاب في ستر كامل بدن المرأة عدا عينها - كما جاء في بعض الآثار - ويكون أخص منه إذا ستر كامل بدن المرأة سوى وجهها - كصفة عباءة الرأس اليوم - وتستر المرأة وجهها ببرقع أو نقاب أو غيره. (22)

ويكون الجلباب فوق الدرع والخمار؛ لقول عائشة رضي الله عنها: "لا بد للمرأة من ثلاثة أثواب تصلي فيهن: درع، وجلباب، وخمار، وكانت عائشة تحل إزارها فتجلبب به". (23)

وقال ابن عمر رضي الله عنهما : "إذا صلت المرأة، فلتصل في ثيابها كلها: الدرع، والخمار، والملحفة". (24)

المصادر والمراجع

(1) البحر المحيط - الصفحة ٧/ ٢٤٩.
(2) تفسير القرطبي، ١٤ / ٢٣٩
(3) لسان العرب، مادة: (جلب).
(4) النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة (جلب)، والحديث أخرجه مسلم، برقم 890
(5) لسان العرب، مادة: (جلب).
(6) لسان العرب، مادة: (جلب).
(7) انظر: لسان العرب - ابن منظور - ج ١ - الصفحة ٢٧٣
(8) فتح الباري، 1/ 424، وانظر: المجموع شرح المهذب، 3/ 172، ومشارق الأنوار عن صحاح الآثار، 1/ 403.
(9) القاموس المحيط - الفيروز آبادي - ج ١ - الصفحة ٤٧
(10) البحر المحيط - الصفحة ٧/ ٢٤٩.
(11) النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/ 283.
(12) مجموع فتاوى ابن تيمية، 22/ 109 - 111.
(13) تفسير البغوي - يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (59)
(14) المحلى بالآثار لابن حزم الظاهري، ص ٣/٢١٧
(15) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، 15/ 411 - 412.
(16) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، 15/ 411 - 412.
(17) تفسير القرآن الكريم - ابن كثير - سورة الأحزاب ١/ ٥١٨
(18) المجموع شرح المهذب، 3/ 172.
(19) الجامع لأحكام القرآن، 3/ 372، والحديث أخرجه مسلم، كتاب صلاة العيدين، باب ذكر خروج النساء في العيدين إلى المصلى وشهود الخطبة، 2/ 605، برقم 890.
(20) التفسير الطبري - يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (59)
(21) تفسير القرآن الكريم - ابن عثيمين- سورة الأحزاب 486
(22) أحكام-الحجاب 11
(23) أخرجه ابن سعد، 8/ 48 - 49، وصحح الألباني إسناده على شرط مسلم، في الحجاب، ص 62.
(24) ابن أبي شيبة في المصنف، وصحح سنده الألباني في الحجاب، ص 62، وانظر: فتح الباري، 1/ 424.

أحدث أقدم