منهج النبي صلى الله عليه وسلم في تعليم الصحابة القرآن
المؤمن لا يقف عند مجرد سماع القرآن والتأثر به، بل يتعدى ذلك إلى العمل والاستجابة لله ورسوله. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}؛ [سورة الأنفال (24)]، وهذا أصل عظيم من أصول التدبر، وإلا فقد ذم الله اليهود الذين يزعمون أنهم آمنوا بالكتاب، والحال أنهم لايعملون به. قال تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ ۗ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} {البقرة: ۹۱}
أما السلف الصالح فقد امتثلوا لأوامر القرآن واجتنبوا نواهيه، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي تحلى بأخلاق القرآن، فعن سعد بن هشام بن عامر قال: " سألت عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - فَقُلْتُ: "يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" . قَالَتْ: "أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟" قُلْتُ: "بَلَى". قَالَتْ: "فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ الْقُرْآنَ". قَالَ: فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُومَ وَلاَ أَسْأَلَ أَحَدًا عَنْ شَىْءٍ حَتَّى أَمُوتَ ثُمَّ بَدَا لِي فَقُلْتُ: "أَنْبِئِينِي عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم". فَقَالَتْ: "أَلَسْتَ تَقْرَأُ {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}؟". قُلْتُ: "بَلَى" . قَالَتْ: "فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ فَقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَوْلاً وَأَمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا اثْنَىْ عَشَرَ شَهْرًا فِي السَّمَاءِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ التَّخْفِيفَ فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ... "(2)، فهذا الحديث دليل على منهج النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع القرآن ، وهو التخلق بأخلاقه ، والعمل بأوامره.
أما السلف الصالح فقد امتثلوا لأوامر القرآن واجتنبوا نواهيه، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي تحلى بأخلاق القرآن، فعن سعد بن هشام بن عامر قال: " سألت عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - فَقُلْتُ: "يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" . قَالَتْ: "أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟" قُلْتُ: "بَلَى". قَالَتْ: "فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ الْقُرْآنَ". قَالَ: فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُومَ وَلاَ أَسْأَلَ أَحَدًا عَنْ شَىْءٍ حَتَّى أَمُوتَ ثُمَّ بَدَا لِي فَقُلْتُ: "أَنْبِئِينِي عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم". فَقَالَتْ: "أَلَسْتَ تَقْرَأُ {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}؟". قُلْتُ: "بَلَى" . قَالَتْ: "فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ فَقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَوْلاً وَأَمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا اثْنَىْ عَشَرَ شَهْرًا فِي السَّمَاءِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ التَّخْفِيفَ فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ... "(2)، فهذا الحديث دليل على منهج النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع القرآن ، وهو التخلق بأخلاقه ، والعمل بأوامره.
قال النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم: " معناه : العمل به ، والوقوف عند حدوده ، والتأدب بآدابه ، والاعتبار بأمثاله وقصصه ، وتدبره ، وحسن تلاوته " انتهى .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كان الفاضل من أصحاب رسول الله في صدر هذه الأمة لا يحفظ من القرآن إلا السورة أو نحوها، ورُزقوا العمل بالقرآن، وإن آخر هذه الأمة يقرؤون القرآن، منهم الصبي والأعمى ولا يرزقون العمل به"(4).
وفي هذا المعنى قال ابن مسعود بفيه: " إنا صعب علينا حفظ ألفاظ القرآن، وسهل علينا العمل به، وإن من بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم العمل به". (5)
فهكذا كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم في تعليم الصحابة القرآن: تلازم العلم والمعنى والعمل، فلا علم جديد إلا بعد فهم السابق والعمل به؛ خلافا لمن يدعون إلى حفظ القرآن فقط بدون عمل ؛ والعمل فقط لرفع الدرجات عند الله وهذا منهج مرجئة الفقهاء.
المصادر والمراجع
(1) قال السعدي (ت ۱۳۷۹ ه) : " وإذا أمر اليهود بالإيمان بما أنزل الله على رسوله, وهو القرآن استكبروا وعتوا, و { قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ } أي: بما سواه من الكتب، مع أن الواجب أن يؤمن بما أنزل الله مطلقا, سواء أنزل عليهم, أو على غيرهم, وهذا هو الإيمان النافع, الإيمان بما أنزل الله على جميع رسل الله. وأما التفريق بين الرسل والكتب, وزعم الإيمان ببعضها دون بعض, فهذا ليس بإيمان, بل هو الكفر بعينه "
وقال تعالى : {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} {البقرة: ۱۰۱}، أي: "ولما جاءهم هذا الرسول الكريم بالكتاب العظيم بالحق الموافق لما معهم، وكانوا يزعمون أنهم متمسكون بكتابهم, فلما كفروا بهذا الرسول وبما جاء به، { نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ } الذي أنزل إليهم أي: طرحوه رغبة عنه { وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ } وهذا أبلغ في الإعراض كأنهم في فعلهم هذا من الجاهلين وهم يعلمون صدقه، وحقيّقة ما جاء به. تبين بهذا أن هذا الفريق من أهل الكتاب لم يبق في أيديهم شيء حيث لم يؤمنوا بهذا الرسول, فصار كفرهم به كفرا بكتابهم من حيث لا يشعرون". تفسير السعدي
(2) صحيح مسلم (٧٤٦)
(2) صحيح مسلم (٧٤٦)
(3) جامع البيان، للطبري ۱۲۲ / ۲ ، أخرجه من طريق الحسين بن واقد، عن الأعمش، عن أبي وائل، وإسناده صحيح، وأخرجه الحاكم في مستدرکه ۷۹۳ / ۱ ح (۲۰۷) ، والبيهقي في السنن الكبرى ۱۱۹ / ۳ ح (۵۰۷۲) من طريق شريك، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه بلفظ :" كنا إذا تعلمنا من النبي عشر آيات من القرآن لم نتعلم من العشر الذي نزلت بعدها حتى نعلم ما فيه، قيل لشريك من العمل ؟ قال : نعم " وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(4) الجامع لأحكام القرآن 1-40
(5) الجامع لأحكام القرآن 1-40