الشرط اللغوي
الشرط اللغوي : عرفه الأصوليون بأنه : ما يلزم من وجوده الوجود، ويلزم من عدمه العدم (١)؛ وعرفه النحاة بأنه: ما دخل عليه شيء من الأدوات المخصصة الدالة على سببية الأول، ومسببية الثاني ذهنا، سواء كان علة للجزاء مثل: (إن كانت الشمس طالعة، فالنهار موجود) أو معلولا مثل: (إن كان النهار موجودا فالشمس طالعة). (٢)
نلاحظ من خلال التعريف للشرط اللغوي أن لا فرق بين الشرط اللغوي والسبب إذ إن كلا منهما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم، إنما الفرق حاصل بينه وبين غيره من الشروط (الشرعي، والعقلي، والعادي)، لأنه يلزم من عدمها العدم، ولا يلزم من وجودها الوجود ولا العدم، لذلك: الأولى أن يدرج تحت قائمة الأسباب لا الشروط.
وفي هذا يقول القرافي المالكي: يظهر أن الشروط اللغوية أسباب بخلاف غيرها من الشروط العقلية كالحياة مع العلم ، أو الشرعية كالطهارة مع الصلاة، أو العادية كالسلم مع صعود السطح،
فإن هذه الشروط يلزم من عدمها العدم في المشروط، ولا يلزم من وجودها وجود ولا عدم، فقد يوجد المشروط عند وجودها كوجوب الزكاة عند دوران الأول الذي هو شرط، وقد يعدم لمقارنة الدين لدوران الحول مع وجود النصاب ؛
وأما الشروط اللغوية التي هي (التعاليق) كقولنا إن دخلت الدار فأنت طالق، يلزم من الدخول الطلاق، ومن عدم الدخول عدم الطلاق إلا أن يخلفه سبب آخر كالإنشاء بعد التعليق، وهذا هو شأن السبب أن يلزم من عدمه العدم إلا أن يخلفه سبب آخر. (٣)
وقال أيضا في كتابه شرح تنقیح الفصول: الشروط اللغوية أسباب، لأنه يلزم من وجودها الوجود، ومن عدمها العدم، بخلاف الشروط العقلية كالحياة مع العلم، والشرعية كالطهارة مع الصلاة، والعادية كالغذاء مع الحيوانات في بعض الحيوانات؛ إذا قلت إن دخلت الدار فأنت حر، يلزم من دخول الدار الحرية، ومن عدم دخولها عدم الحرية ، وهذا هو شأن السبب، أن يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم لذاته ...،
وأما الحياة فلا يلزم من وجودها معرفة مذهب مالك ، و يلزم من عدم الحياة عدم معرفته ، وهذا هو حقيقة الشرط، و يلزم من عدم الطهارة عدم صحة الصلاة، حيث كانت شرطا في صورة القدرة عليها، ولا يلزم من وجود الطهارة صحة الصلاة لاحتمال عدم الصلاة بالكلية ، أو يصليها بدون شرط أو ركن. (٤)
لكنه برر تسميته شرط بقوله: أمكن أن يقال - شرطا لغويا - بطريق الاشتراك لأنه مستعمل فيهما، والأصل في الاستعمال الحقيقة؛ وأمكن أن يقال بطريق المجاز في أحدهما، لأن المجاز أرجح من الاشتراك ؛ وأمكن أن يقال بطريق التواطىء باعتبار قدر مشترك بينهما، وهو توقف الوجود على الوجود مع قطع النظر عما عدا ذلك، فإن المشروط العقلي وغيره يتوقف دخوله في الوجود على وجود شرطه ، ووجود شرطه لا يقتضيه؛ والشروط اللغوي يتوقف وجوده على وجود شرطه ، ووجود شرطه يقتضيه. (٥)
مثاله :كما لو قال رجل لزوجته (إن دخلت الدار فأنت طالق)، أو قال لأمته: (إن دخلت الدار فأنت حرة)؛ فدخول الدار شرط لوقوع الطلاق والحرية، فما دام الدخول منتفياً، فالطلاق والحرية منتفیان، وإذا وجد الدخول وجد الطلاق والحرية.
والشرط اللغوي أغلب استعماله في: السببية العقلية كقولك: (إذا طلعت الشمس فالعالم مضيء)، فإن طلوع الشمس سبب ضوء العالم عقلا؛ وسببية شرعية ، نحو قوله تعالى : (وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) (٦)، فإن الجنابة سبب لوجوب التطهير شرعا؛ ویکثر استعماله أيضا في السبب الجعلي، فيقال: (إن دخلت الدار فأنت طالق)، والمراد أن الدخول سبب للطلاق يستلزم وجوده وجود الطلاق، لا مجرد كون عدم الدخول مستلزما لعدم الطلاق من غير سببيته . (٧)
يقول ابن النجار الفتوحي: واستعمل الشرط اللغوي لغة، أي في عرف أهل اللغة في شرط لم يبق لمسبب شرط سواه نحو: (إن تأتني أكرمك)، فإن الإتيان شرط لم يبق للإكرام سواه، لأنه إذا دخل الشرط اللغوي عليه على أن أسباب الإكرام حاصلة، لكن متوقفة على حصول الإتيان. (٨)
على أن الأصل فيه أن يكون للتعليق ، بمعنى أن يجعل المعلق عليه سببا في المعلق يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم لذاته ، ولو لم تتحقق بينهما مناسبة ؛ لكنه قد يأتي للتغليل بأن يكون المعلق عليه علة غائية للمعلق بحيث يوجد المعلق لأجله ، ولا ينتفي المعلق عند انتفائه مع تحقق المناسبة بينهما كما في قوله تعالى : (وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (٩)، إذ المعنى المراد من الآية : أنه لما اتصفتم بالعبادة والخضوع لله تعالى ، كان ينبغي أن تشكروه على عطاياه ونعمه، إذ العبادة والطاعة علة الشكر، فإذا تحققت في المرء كان من شأنها أن تحثه على شكر المنعم والمتفضل سبحانه ، وكما في قول النبي صلى الله عليه وسلم : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) (١٠) معناه: أن تصديق الوعد والوعيد يحث على إكرام الضيف؛ و كما في قول الرجل لابنه : (أطعني إن کنت ابني)، فهو لا يشك أنه ابنه، ولكنه يذكره، و ينبهه على الصفة الباعثة على الطاعة. (١١)
والشرط اللغوي أغلب استعماله في: السببية العقلية كقولك: (إذا طلعت الشمس فالعالم مضيء)، فإن طلوع الشمس سبب ضوء العالم عقلا؛ وسببية شرعية ، نحو قوله تعالى : (وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) (٦)، فإن الجنابة سبب لوجوب التطهير شرعا؛ ویکثر استعماله أيضا في السبب الجعلي، فيقال: (إن دخلت الدار فأنت طالق)، والمراد أن الدخول سبب للطلاق يستلزم وجوده وجود الطلاق، لا مجرد كون عدم الدخول مستلزما لعدم الطلاق من غير سببيته . (٧)
يقول ابن النجار الفتوحي: واستعمل الشرط اللغوي لغة، أي في عرف أهل اللغة في شرط لم يبق لمسبب شرط سواه نحو: (إن تأتني أكرمك)، فإن الإتيان شرط لم يبق للإكرام سواه، لأنه إذا دخل الشرط اللغوي عليه على أن أسباب الإكرام حاصلة، لكن متوقفة على حصول الإتيان. (٨)
على أن الأصل فيه أن يكون للتعليق ، بمعنى أن يجعل المعلق عليه سببا في المعلق يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم لذاته ، ولو لم تتحقق بينهما مناسبة ؛ لكنه قد يأتي للتغليل بأن يكون المعلق عليه علة غائية للمعلق بحيث يوجد المعلق لأجله ، ولا ينتفي المعلق عند انتفائه مع تحقق المناسبة بينهما كما في قوله تعالى : (وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (٩)، إذ المعنى المراد من الآية : أنه لما اتصفتم بالعبادة والخضوع لله تعالى ، كان ينبغي أن تشكروه على عطاياه ونعمه، إذ العبادة والطاعة علة الشكر، فإذا تحققت في المرء كان من شأنها أن تحثه على شكر المنعم والمتفضل سبحانه ، وكما في قول النبي صلى الله عليه وسلم : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) (١٠) معناه: أن تصديق الوعد والوعيد يحث على إكرام الضيف؛ و كما في قول الرجل لابنه : (أطعني إن کنت ابني)، فهو لا يشك أنه ابنه، ولكنه يذكره، و ينبهه على الصفة الباعثة على الطاعة. (١١)
المصادر والمراجع
(١) أنوار البروق في أنواء الفروق (٩٢-۱)؛ تهذيب الفروق (۹۰-۱)؛ الإبهاج في شرح المنهاج شرح على منهاج الوصول إلى علم الأصول (۱۰۸-۲)؛ شرح البدخشي مناهج العقول (۱۰۰-۲)؛ حاشية العطار على جمع الجوامع (٥٤-۲): / شرح مختصر الروضة، الطوفي (٤۳۲-١)؛ مختصر التحرير (-١٤٥٥)؛ المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل لابن بدران (۱٦۲)
(٢) مباحث التخصيص عند الأصوليين والنحاة (ط. منشأة المعارف - الاسكندرية، ص ۱۷۷)
(٣) أنوار البروق في أنواء الفروق للقرافي (١-٦٢،٦٣)
(٤) شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في الأصول للقرافي (۸٥)
(٥) أنوار البروق في أنواء الفروق (٦٣-۱)
(٦) سورة المائدة الآية: (٦)
(٧) شرح الكوكب المنير لابن النجار (١-٤٥٦)؛ المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل لابن بدران (۱٦۳)؛ مباحث التخصيص (۱۷۷)
(٨) شرح الكوكب المنير لابن النجار (١-٤٥٦)؛ المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل لابن بدران (۱٦۳)
(٩) سورة النحل، الآية ١١٤
(١٠) أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الأدب، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه (۲۲٤٥-٥)؛ ومسلم (كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف (١٨،٢٠-۲)
(١١) تهذيب الفروق والقواعد السنية فى الأسرار الفقهية لمحمد علي بن حسين المكي المالكي (١-١١٣)
(٢) مباحث التخصيص عند الأصوليين والنحاة (ط. منشأة المعارف - الاسكندرية، ص ۱۷۷)
(٣) أنوار البروق في أنواء الفروق للقرافي (١-٦٢،٦٣)
(٤) شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في الأصول للقرافي (۸٥)
(٥) أنوار البروق في أنواء الفروق (٦٣-۱)
(٦) سورة المائدة الآية: (٦)
(٧) شرح الكوكب المنير لابن النجار (١-٤٥٦)؛ المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل لابن بدران (۱٦۳)؛ مباحث التخصيص (۱۷۷)
(٨) شرح الكوكب المنير لابن النجار (١-٤٥٦)؛ المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل لابن بدران (۱٦۳)
(٩) سورة النحل، الآية ١١٤
(١٠) أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الأدب، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه (۲۲٤٥-٥)؛ ومسلم (كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف (١٨،٢٠-۲)
(١١) تهذيب الفروق والقواعد السنية فى الأسرار الفقهية لمحمد علي بن حسين المكي المالكي (١-١١٣)