الشرط في حكم العلة

الشرط-في-حكم-العلة

الشرط في حكم العلة


النوع الثاني من أنواع الشروط عند الحنفية : الشرط في حكم العلة : هو كل شرط لم يعارضه علة صالحة لانضياف الحكم إليها. (١)

وهذا يعني أن في حالة عدم معارضة العلة شرطا، جاز أن يضاف الحكم إليه ، وأنه متى عارضه علة صالحة لإضافة الحكم إليها، لم يصلح أن يكون علة يضاف الحكم إليها؛ علما بأن الأصل أن الشرط لا يصلح لخلافة العلة، لأن العلل أصول في إثبات الأحكام وإضافتها إليها، فضلا عن كونها مؤثرة في إثباتها وإيجابها بها،

بخلاف الشرط إذ لا تأثير له في إيجاد الحكم، ولكن لما لم تكن العلل مؤثرة بذواتها، بل بجعل الله تعالى، إذ هي في الحقيقة أمارات، كان ثمة شبه بينها وبين الشرط من هذا الوجه لأن الشرط أمارة أيضا، فاستقام أن يخلفها في حق الحكم عند تعذر إضافة الحكم إليها. (۲)

مثاله:

١ - حفر البئر إذا وقع فيه إنسان، فإن الحفر شرط، والثقل علة، والمشي سبب ؛ ولما كانت الأرض ممسكة مانعة من عمل الثقل كان حفر البئر إزالة للمانع، فكان شرطاً؛ والثقل غير صالح لإضافة الحكم إليه (۳)، فيلجأ للسبب قبل الشرط لإضافة الحكم إليه، ولما كان السبب هو المشي، وهو مباح محض، ومعلوم أنه لا بد فيما يضاف إليه الحكم من صفة التعدي، ولا تعدي في المشي لإباحته (٤)، فيضاف الحكم إلى الشرط لتضمنه معنى التعدي. (٥)

٢ - شق الرق حتى يسيل ما فيه من الدهن، وقطع حبل القنديل حتى يسقط؛ علة الأول السيولة، وعلة الثاني الثقل، والاثنتان لا تصلحان لإضافة الحكم إليهما، لخلوهما من التعدي ، فأضيف إلى الشرط، لأنه لما كان المائع لا يحفظ إلا بوعاء، فإزالة ما به تماسکه ، يكون مباشرة تفويت ما كان محفوظا به؛ 

كذلك القنديل فإن طبيعته تقتضي أن يكون محفوظا بحبل يعلق به ، فقطع الحبل مباشرة، يعني تفويت ما كان محفوظا به. (٦)

٣ - كما لو قال رجل إن كان قيد عبدي عشرة أرطال فهو حر، ثم قال: وإن حله آخر فهو حر؛ فشهد اثنان أنه عشرة أرطال، فقضى القاضي بعنقه، ثم حله فإذا هو ثمانية ، يضمن الشهود قيمته عند أبي حنيفة لأن قضاء القاضي نافذ ظاهرا وباطنا لابتنائه على دليل شرعي واجب العمل به، فلا بد من صيانته عن البطلان بإثبات التصرف المشهود به مقدما على القضاء؛

بيان ذلك : لما كانت العلة في المسألة التعليق أي: تعليق الحرية على كون القيد عشرة أرطال ، أوحل الغير للقيد وهي غير صالحة لإضافة الحكم إليها؛ لأنها تصرف من المالك في ملكه من غير تعد، ولا جناية كما لو باع مال نفسه ، فتعينت الإضافة إلى الشرط وهو كون القيد عشرة أرطال، أوحل القيد من الغير لذلك لما تبين كذب شهود الشرط تعين الضمان عليهم، مع أن الأصل أن يكون الضمان على شهود العلة، لكنها لما كانت غير سائغة لترتب الحكم عليها أضيف إلى الشرط ، وكان الضمان على شهوده.

المصادر والمراجع

(١) المغني في أصول الفقه (٣٤٧)
(٢) کشف الأسرار لعلاء الدين البخاري الحنفي (۲۰٦ ، ۲۰٧)
(٣) إلا إذا تعمد الإنسان إيقاع نفسه، عندئذ تكون العلة متعدية ، تصلح لإضافة الحكم إليها.
(٤) هذا يشعر أنه لو كان الماشي متعدية، كما لو كان الحفر في ملك الغير ، فمشى فيه بغير إذن المالك، فسقط في البئر، فإنه لا ضمان على الحافر ، وفي هذه الحالة يضاف الحكم إلى السبب للتعدي. 
(٥) التوضيح على التنقيح لتفتازاني  (٧-١٤٧،١٤٦)
(٦) أصول البزدوى (٤-٢٠٩)؛ أصول السرسخي (٢-٣٢٣،٣٢٢)؛ ميزان الأصول في نتائج العقول، السمرقندي  (٦٢٣،٦٢٤)؛المغني في أصول الفقه (٣٤٧)؛ کشف الأسرار لعلاء الدين البخاري (٤-٢٠٩)؛ كشف الأسرار للنسفي (٢-٤٤٠)
أحدث أقدم