النوع الثالث من أنواع الشروط عند الحنفية : الشرط في حكم السبب : هو ما يعترض عليه فعل مختار غير منسوب إليه، و یکون سابقا عليه. (١)
احترز بقولهم: (فعل مختار) عن الفعل الطبيعي کسيلان المائع في مسألة شق الزق، وسقوط القنديل في مسألة قطع الحبل.
أما قولهم (غير منسوب إليه)، أي إلى الشرط، إذ لو كان الفعل منسوباً إليه لكان الشرط في حكم العلل.
وقولهم (أن يكون سابقا عليه): الضمير الأول يعود إلى الشرط، والثاني يعود إلى الفعل المعترض ؛ و احترز بهذا القيد عن تعليق الطلاق أو العتاق بشرط معين، كدخول الدار مثلا ، فإنهما فعل فاعل مختار غير منسوب إلى الشرط ؛ لكن وجود الشرط متأخر عن صورة العلة ، فلذلك كان شرطاً محضاً خالياً عن معنى السببية والعلية. (٢)
ويمثل له :
ويمثل له :
بمن حل قيد عبد حتى أبق؛ فالقيد مانع للعبد من الإباق ، وحلة إزالة للمانع فكان شرطاً، والإباق علة تلف العبد، وهو فعل فاعل مختار، فلا يضاف إلى حل القيد ؛ على أن الملاحظ في المسألة أن الشرط متقدم على صورة العلة، وهو بخلاف الأصل،
إذ الأصل في الشرط التأخر عنها، وأن التقدم إنما هو من شيمة السبب، ولما كان الأمر كذلك ، نُزّل الشرط منزلة السبب (٣)، غير أنه لا يضاف الحكم إليه ، لأنه متى اعترض على السبب فعل فاعل مختار، فإنه يضاف الحكم إلى الشرط، لا إلى السبب ؛ الأمر الذي جعل فقهاء الحنفية يقولون بعدم تضمين من حل القيد؛
ويلحق بهذه المسألة غيرها، کمن فتح باب قفص فطار الطير ، أو فتح باب اصطبل فخرجت الدابة وضلّت، أو كمن أرسل دابته في الطريق فجالت يمنة ويسرة عن سنن الطريق، فأتلفت شيئا، فإنه لا ضمان على من فتح أو أرسل للعلة نفسها وهي : متى اعترض على السبب فعل فاعل مختار، فإنه يضاف الحكم إليه لا إلى السبب. (٤)
المصادر والمراجع
(١) أصول البزدوى (٤-۲۱۲)؛ أصول السرسخي (٢-٣٢٣)؛ المغني في أصول الفقه (٣٤٩)؛ كشف الأسرار للنسفي (٤٤١-۲)؛ التوضيح على التنقيح لصدر الشريعة (١٤٧-۲)
(٢) کشف الأسرار لعلاء الدين البخاري (٤-٢١٢)؛ شرح ابن الملك على منار الأنوار في أصول الفقه للنسفي (۹۲۳)؛ التوضيح على التنقيح لتفتازاني (٢-١٤٧)
(٣) المقصود بالسبب هنا السبب الخالص، لا السبب الذي فيه معنى العلة ، لأن الثاني ما كانت العلة مضافة وحادثة به كقوْد الدابة وسوقها، وهنا ليس كذلك لأن الإباق وهو العلة غير حادث بالشرط ، بل هو حادث باختيار صحيح، فانقطع نسبته عن الشرط من كل وجه، وكان التلف مضافاً إلى العلة لا إلى ما سبق من الشرط. انظر: شرح ابن الملك على منار الأنوار في أصول الفقه (۹۲۹)
(٤) فخر الإسلام البزدوي وعلاء الدين البخاري، أصول البزدوي مع شرحه کشف الأسرار (٤-٢١٣،٢١٤)؛ أصول السرسخي (٢-٣٢٦،٣٢٥)؛ ميزان الأصول في نتائج العقول، السمرقندي (٦٢٤، ٦٢٥)؛ المغني في أصول الفقه (٣٩٦،٣٥٠)؛ النسفي و ابن ملك، المنار وشرحه (۹۲۳ ،۹۲٤)؛ التوضيح على التنقيح (۱۹۷-۲)
(٢) کشف الأسرار لعلاء الدين البخاري (٤-٢١٢)؛ شرح ابن الملك على منار الأنوار في أصول الفقه للنسفي (۹۲۳)؛ التوضيح على التنقيح لتفتازاني (٢-١٤٧)
(٣) المقصود بالسبب هنا السبب الخالص، لا السبب الذي فيه معنى العلة ، لأن الثاني ما كانت العلة مضافة وحادثة به كقوْد الدابة وسوقها، وهنا ليس كذلك لأن الإباق وهو العلة غير حادث بالشرط ، بل هو حادث باختيار صحيح، فانقطع نسبته عن الشرط من كل وجه، وكان التلف مضافاً إلى العلة لا إلى ما سبق من الشرط. انظر: شرح ابن الملك على منار الأنوار في أصول الفقه (۹۲۹)
(٤) فخر الإسلام البزدوي وعلاء الدين البخاري، أصول البزدوي مع شرحه کشف الأسرار (٤-٢١٣،٢١٤)؛ أصول السرسخي (٢-٣٢٦،٣٢٥)؛ ميزان الأصول في نتائج العقول، السمرقندي (٦٢٤، ٦٢٥)؛ المغني في أصول الفقه (٣٩٦،٣٥٠)؛ النسفي و ابن ملك، المنار وشرحه (۹۲۳ ،۹۲٤)؛ التوضيح على التنقيح (۱۹۷-۲)