فوائد معرفة المكي والمدني مع نماذج تطبيقية لذلك

فوائد-معرفة-المكي-و-المدني


فوائد معرفة المكي والمدني مع نماذج تطبيقية لذلك 

فوائد معرفة المكي والمدني

  1. أولا : معرفة الناسخ والمنسوخ ؛ إذ إن المتأخر ينسخ المتقدم ، وبالتالي يترتب على ذلك كثير من المسائل الهامة في فهم النصوص القرآنية، وفي معرفة الأحكام الشرعية معرفة صحيحة.
  2. ثانيا : الاستعانة به في تفسير القرآن الكريم ؛ إذ إن معرفة مكان نزول الآية تعين على فهم المراد بالآية ومعرفة مدلولاتها ، وما يراد فيها.
  3. ثالثا : ومن فوائد معرفة المكي والمدني التبصر بالمراحل التاريخية التي سار عليها تشريعنا السامي ، والاطلاع على الطريقة الحكيمة التي أخذ الله بها فيما سن لهم من أحكام.
  4. رابعا : أن معرفة المكي والمدني تساعدنا على استخراج سيرة الرسول ، وذلك بمتابعة أحواله بمكة ، ومواقفه في الدعوة ، ثم أحواله في المدينة ، وسيرته في الدعوة إلى الله فيها.
  5. خامسا : بیان عناية المسلمين بالقرآن الكريم واهتمامهم به حيث إنهم لم يكتفوا بحفظ النص القرآني فحسب ، بل تتبعوا أماكن نزوله ، ما كان قبل الهجرة ، وما كان بعد الهجرة، إلى غير ذلك من الأحوال .
  6. سادسا : ومن الفوائد معرفة أسباب النزول ؛ إذ إننا أثناء دراستنا لمكان نزول الآية نقف على الأحوال والملابسات التي احتفت بنزول الآية.
  7. سابعا : بلوغ القرآن إلينا سالما من التغيير والتحريف .

نماذج تطبيقية في فوائد معرفة المكي والمدني


نموذج تطبيقي للفائدة الأولى : قوله تعالى : (وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا). (١)


أمر الله عباده في هذه الآية أن لا يحنثوا في يمين أكدوها بالحلف ، وكان هذا قبل نزول آية الكفارة في المائدة، وقبل نزول قوله تعالى : (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (٢)، في حلف أبي بكر - به - ألا ينيل مسطح شيئا أبدا لما نال من عائشة رضي الله عنها في أمر الإفك ، فنسخ الله ذلك ، ومنع نقض الأيمان بالكفارة المذكورة في المائدة (٣)، وما أمر به أبا بكر الصديق في قوله : (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ) ، وبقوله : (وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ). (٤)


نموذج تطبيقي للفائدة الثانية : هب أن قارئا قرأ سورة الكافرون وبالتحديد في قوله تعالى : (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ) (٥) ولم يعلم زمن نزول الآية وهل هي مكية أو مدنية ، فإنه يحار في معنى الآية ؛ إذ إنه يفهم من الآية أن المسلمين غير مكلفين بالجهاد ، ولكن إذا علم أن السورة إنما نزلت بمكة أدرك أن هذه السورة علاج للمرحلة التي كان فيها الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة ، وليست دليلا على عدم مشروعية الجهاد.

نموذج تطبيقي للفائدة الثالثة : أخرج البخاريفي صحيحه بسنده عن عائشة رضي الله عنها في حديثها مع الرجل العراقي ، وفيه : (إنما نزل أول ما نزل سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس للإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا : لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل أول شيء لا تزنوا لقالوا: لا ندع الزنا أبدا)، الحديث. (٦)

نموذج تطبيقي للفائدة الرابعة : إن من يرى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في المرحلة المكية يجد أن القرآن المكي اعتني بتقرير القضايا الإيمانية ، في حين أن القرآن المدني قد كان يعتني ببيان جزئیات التشريع ، وتفاصيل الأحكام ، وقضايا علاقة الأمة الإسلامية بغيرها من الأمم.

هكذا يقرر القرآن الكريم في مختلف مراحل نزوله ما يلائم حال المخاطب ، انظر مثلا سورة کسورة الحجر وهي سورة مكية ودعوتها إلى أصول الإيمان ، وانظر مثلا سورة کسورة البقرة والنساء والمائدة (وهن مدنیات) ما يشملن من تشريعات تفصيلية، وأحكام عملية في العبادات والمعاملات .

وفي هذا يقول القرطبي في سورة النساء : (ومن تبين أحكامها علم أنها مدنية لا شك فيها). (٧)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في سورة المائدة : (أجمع سورة في القرآن لفروع التشريع من التحليل والتحريم والأمر والنهي). (۳).

وهكذا يبدو أن لكل مرحلة من مراحل الدعوة موضوعاتها وأساليبها ، إذ كما يقال : لكل مقام مقال.

تلك هي مجمل الفوائد التي نستطيع أن نحصل عليها من معرفتنا للمكي والمدني ، والحق هي فوائد يستفيد منها كل من أراد الخوض في محال التفسير وعلوم القرآن.

المصادر والمراجع 

(١) سورة النحل ، الآية ٩١
(٢) سورة النور ، الآية ٢٢
(٣) سورة المائدة ، الآية ٩٨
(٤) سورة البقرة ، الآية ٢٢٤
(٥) سورة الكافرون، الآية ٦
(٦) صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب تأليف القرآن، حديث رقم ٤٧٢٧
(٧) الجامع لأحكام القرآن، والمبين لما تضمن من السنة وأحكام الفرقان (٥-١)
(٨) مجموع الفتاوى (١٥-٤٤٨)؛ دقائق التفسير (٣-٥)
            أحدث أقدم