خصائص القرآن المكي والمدني
وضع العلماء من خلال النظر في روايات المكي والمدني المروية عن الصحابة والتابعين مميزات ، وبعبارة أدق خصائص القرآن المكي والمدني ، متى عرفها المتعلم أمكنه التمييز بين القرآن المكي والقرآن المدني.
ولقد اختصت السور والآيات المدنية والمكية بخصائص بعضها يرجع إلى الأسلوب والأخرى ترجع إلى الموضوع.
خصائص القرآن المكي
الخصائص الأسلوبية للسور والآيات المكية
- تتميز بقصر الآيات والسور .
- كثرة أسلوب التأكيد ووسائل التقرير ترسيخا للمعاني ، كالإكثار من القسم ، وضرب الأمثال ، والتشبيه.
- كثرة الفواصل .
- قوة العبارة والإيقاع. (۱)
الخصائص الموضوعية للسور والآيات المكية
أ - تقرير أسس العقيدة ودعوة الناس جميعا إلى توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة.
ب - الدعوة إلى الأصول الأساسية لهذا الدين الحنيف ووضع الحجر الأساسي له وهو تثبيت العقيدة ومايتصل بها من الإيمان بالله واليوم الآخر وما فيه من البعث والحشر والجزاء والايمان بالرسل والكتب والملائكة وذلك لأن العالم أجمع كانوا في ظلمات الشرك والوثنية وكانوا لا يؤمنون بالبعث والجزاء.
ج - مجادلة المشركين بأقامة الحجة عليهم في شأن ما يعتقدونه في آلهتهم التي صنعتها أيديهم وبيان أنها لا تستحق العبادة وأنها لا تقربهم إلى الله زلفی فهي لاتضر ولا تنفع ولا تعي ولا تحس وتذكيرهم بأن الله وحده المستحق للعبادة ودعوتهم إلى استعمال عقولهم وترك ما ورثوه عن آبائهم من الضلال والجهل.
د - الدعوة إلى أصول الأخلاق والتشريعات العامة التي لا تتغير بتغير الزمان والمكان ، كالصدقة ، والبر ، وصلة الأرحام ، وبر الوالدين ، وإكرام الجار ، والعدل ، والإحسان ، والصدقة ، والصدق، والعفاف ، وصلة الرحم والعفو ، والتواصي بالحق والخير والصبر ، والنهي عن القتل ووأد البنات ، والظلم ، وأكل أموال الناس بالباطل . إلى غير ذلك من الأخلاق العامة.
هـ - الاعتناء بقصص الأنبياء مع أقوامهم وأخبار الأمم الغابرة ، ولبيان أن دعوة الرسل جميعا واحدة وأنهم جاءوا بالتوحيد الخالص والايمان بالله وملائكته وكتبه واليوم الآخر؛ والحكمة في ذلك هو ما كان لها من أثر عظيم في تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين ومواساتهم فيما كان يصيبهم، وإنذار أعدائهم ، وإثارة العبرة والعظة بقصص من سبقهم. (٢)
خصائص القرآن المدني
خصائص السور والآيات المدنية من ناحية الأسلوب
- طول أكثر السور والآيات المدنية .
- قلة الألفاظ التي يحتاج فهمها إلى المعاجم.
- إن كل آية يبدأ الخطاب فيها بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا ) فهي مدنية . وليس كل آية بدأ الخطاب فيها بقوله (يا أيها الناس) مكية . إلا أن نقول ذلك في الغالب. وهناك أمثلة لسور وآيات مدنية جاء فيها الخطاب |(یا أیها الناس).
- الأسلوب الهادئ والحجة الباهرة عندما يتعرض لأهل الكتاب ، والأسلوب التهكمي عند ما يتعرض للمنافقين وفضح نواياهم الخبيثة. (٥)
خصائص السور والآيات المدنية من ناحية الموضوع
أ - بيان جزئیات التشريع وتفاصيل الأحكام العملية في العبادات والمعاملات، والعلاقات الاجتماعية ، والعقوبات کأحكام بعض أنواع الصلوات التي لم تشرع في مكة والصيام والزكاة والقصاص والنكاح والطلاق والبيوع والمداینات والربا والحدود كحد القتل والزنى والسرقة والكفارات ككفارة القتل الخطأ والظهار وتنظيم الأسرة وهو مايعرف حديثا (بالأحوال الشخصية) وما يتصل بالمواريث والوصايا.
ب - بیان ضلال المنافقين واظهار ما تكنه نفوسهم من الحقد والعداوة وإظهار ما بهم من سوء الطباع والجبن والهلع وأنهم لايبتغون إلا عرض الدنيا ولايهمهم أمر الإسلام وإعلاء كلمته.
ج - بیان قواعد التشريع الخاصة بالجهاد ، وحكمة تشريعه ، وذكر الأحكام المتعلقة بالحروب والغزوات والمعاهدات وما أعد الله من الثواب العميم للمجاهدين في سبيله . وكذلك الغنائم والفئ وتقسيمه وقد وضحت ذلك سورة البقرة والأنفال والتوبة والفتح والحشر ففصلت الآيات نظم الحرب وأقامت العلاقات الدولية على أسس متينة وأصبح لدولة الأسلام قوة حربية يهابها أعداؤها وتوسعت الفتوحات الاسلامية ودخل الناس في دين الله أفواجا.
د - دعوة أهل الكتاب إلى الإسلام وإقامة الحجج عليهم وبيان ضلالهم في عقائدهم كقولهم بالتثليث أو الحلول أو الصلب ودعوتهم إلى الإيمان بالدين الاسلامي الذي بشرت به رسلهم ، وبيان جناياتهم في قتل أنبيائهم وتحريفهم لكتبهم ولاسيما البشارة بالنبي صلوات الله وسلامه عليه وتغيير بعض الأحكام التي لا تتفق مع أهوائهم مثل إبدالهم حد الرجم للزاني بالجلد أو تسخيم الوجه طمعا في المال أو لتقربهم إلى الأشراف؛ وذلك كما تشاهد في آيات سورة المائدة وآل عمران والبقرة والنساء والتوبة. (٦)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تقرير الخصائص الموضوعية للسور المدنية : (وأما السور المدنية ففيها الخطاب لمن يقر بأصل الرسالة ، كأهل الكتاب الذين آمنوا ببعض وكفروا ببعض ، وكالمؤمنين الذين آمنوا بكتب الله ورسله ، ولهذا قرر فيها الشرائع التي أكمل الله بها الدين ، كالقبلة ، والحج ، والصيام ، والاعتكاف ، والجهاد ، وأحکام المناكح ونحوها ، وأحكام الأموال بالعدل كالبيع ، والإحسان كالصدقة ، والظلم کالربا ، وغير ذلك مما هو من تمام الدين. (٧)
الخلاصة : فهذه هي خصائص القرآن المكي والمدني بإيجاز ، إلا أن الشيء الذي أود أن أؤكده هو أن بعض هذه الخصائص خصائص غالبية كالضوابط ؛ إذ لا يعني حينما يقال : إن القسم المكي امتاز بتقرير أسس العقيدة - لا يعني ذلك - أن القسم المدني يخلو من الحديث عن العقيدة ، وإنما تعني هذه الخاصية أنها في القسم المكي أوسع منها في المدني . فالسور المدنية فحجاجها في الغالب مع أهل الكتاب والمنافقين ، وفيها تفصيل الأحكام الشخصية والمدنية لكثرة المسلمين المحتاجين إليها.
المصادر والمراجع
(۱) انظر هذه الخصائص في : مدخل إلى علوم القرآن والتفسير(۱۲۳ء۱۲۸) ، مباحث في علوم القرآن (٦٤) ، علوم القرآن الكريم (۹۹ء۹۷)، علوم القرآن (١٤٣) ، دراسات في علوم القرآن (۷۰ء۷۱)، دراسات في علوم القرآن (١٤٣) ، هامش فنون الأفنان لابن الجوزي (۳۳۹)، أهم خصائص السور والآيات المكية ومقاصدها (٤٩،٥٥)، أصول التفسير لابن عثيمين (٢١)
(٢) انظر هذه الخصائص في : مناهل العرفان (١ء٢٠٣) ، المدخل لأبي شهبة (۲۲۸ء۲۳۱) ، علوم القرآن الكريم (٥٤) ، القرآن الكريم والدراسات الأدبية (۷۹ء۷۸)، علوم القرآن للدكتور عدنان زرزور (۱٤۱)، مدخل إلى علوم القرآن والتفسير (۱۲۶) ، مباحث في علوم القرآن (۱۸۳)، مباحث في علوم القرآن لمناع القطان (٦٤) ، التعريف بالقرآن والحديث (۹۷ء۹۸) ، لمحات في علوم القرآن واتجاهات التفسير (۱۸۹ء۱۹۷)، دراسات في علوم القرآن (۷۰ء۷۱) ، دراسات في علوم القرآن للدكتور فهد الرومي (١٧٤) ، هامش فنون الأفان (ص۳۳۹)، أهم خصائص السور والآيات المكية ومقاصدها (٦٥)
(٣) مجموع الفتاوی (۱۹۰ء۱۰)
(٤) الموافقات (٣ء٤١٩)
(٥) انظر هاتين الخصيصتين في : مدخل إلى علوم القرآن والتفسير (۱۲۶) ، مباحث في علوم القرآن (١٤) ، علوم القرآن الكريم (٦٨)، علوم القرآن للدكتور عدنان زرزور (١٤٤) ، دراسات في علوم القرآن (۷۱) ، دراسات في علوم القرآن الكريم للدكتور فهد الرومي (١٤٩) ، هامش فنون الأفنان (٣٤) ، خصائص السور والآيات المدنية ضوابطها ومقاصدها للدكتور عادل أبي العلا (۳۹ء٤٤)
(٦) انظر هذه الخصائص في : مناهل العرفان (١ء٢٠٤) ، المدخل لأبي شهبة (۲۳۲) ، علوم القرآن الكريم لعبد المنعم النمر (۷۰ء۷۳) ، القرآن الكريم والدراسات الأدبية (۷۹ء۸۰) ، علوم القرآن لزرزور (۱۹۲)، مدخل إلى علوم القرآن والتفسير (۱۲۶)، مباحث في علوم القرآن الصبحي الصالح (۱۸۳)، مباحث في علوم القرآن لمناع القطان (١٤) ، لمحات في علوم القرآن (۱۹۸)، التعريف بالقرآن والحديث (۷۱)، دراسات في علوم القرآن لعبد الباسط بلبول (۷۱) ، دراسات في علوم القرآن الكريم لفهد الرومي (۱۶۸)، هامش فنون الأفنان (٣٤٠) ، خصائص السور والآيات المدنية (4خء4ح) .
(٧) مجموع الفتاوی (۱۹۰ء۱۰).
(٢) انظر هذه الخصائص في : مناهل العرفان (١ء٢٠٣) ، المدخل لأبي شهبة (۲۲۸ء۲۳۱) ، علوم القرآن الكريم (٥٤) ، القرآن الكريم والدراسات الأدبية (۷۹ء۷۸)، علوم القرآن للدكتور عدنان زرزور (۱٤۱)، مدخل إلى علوم القرآن والتفسير (۱۲۶) ، مباحث في علوم القرآن (۱۸۳)، مباحث في علوم القرآن لمناع القطان (٦٤) ، التعريف بالقرآن والحديث (۹۷ء۹۸) ، لمحات في علوم القرآن واتجاهات التفسير (۱۸۹ء۱۹۷)، دراسات في علوم القرآن (۷۰ء۷۱) ، دراسات في علوم القرآن للدكتور فهد الرومي (١٧٤) ، هامش فنون الأفان (ص۳۳۹)، أهم خصائص السور والآيات المكية ومقاصدها (٦٥)
(٣) مجموع الفتاوی (۱۹۰ء۱۰)
(٤) الموافقات (٣ء٤١٩)
(٥) انظر هاتين الخصيصتين في : مدخل إلى علوم القرآن والتفسير (۱۲۶) ، مباحث في علوم القرآن (١٤) ، علوم القرآن الكريم (٦٨)، علوم القرآن للدكتور عدنان زرزور (١٤٤) ، دراسات في علوم القرآن (۷۱) ، دراسات في علوم القرآن الكريم للدكتور فهد الرومي (١٤٩) ، هامش فنون الأفنان (٣٤) ، خصائص السور والآيات المدنية ضوابطها ومقاصدها للدكتور عادل أبي العلا (۳۹ء٤٤)
(٦) انظر هذه الخصائص في : مناهل العرفان (١ء٢٠٤) ، المدخل لأبي شهبة (۲۳۲) ، علوم القرآن الكريم لعبد المنعم النمر (۷۰ء۷۳) ، القرآن الكريم والدراسات الأدبية (۷۹ء۸۰) ، علوم القرآن لزرزور (۱۹۲)، مدخل إلى علوم القرآن والتفسير (۱۲۶)، مباحث في علوم القرآن الصبحي الصالح (۱۸۳)، مباحث في علوم القرآن لمناع القطان (١٤) ، لمحات في علوم القرآن (۱۹۸)، التعريف بالقرآن والحديث (۷۱)، دراسات في علوم القرآن لعبد الباسط بلبول (۷۱) ، دراسات في علوم القرآن الكريم لفهد الرومي (۱۶۸)، هامش فنون الأفنان (٣٤٠) ، خصائص السور والآيات المدنية (4خء4ح) .
(٧) مجموع الفتاوی (۱۹۰ء۱۰).