تعريف البداء لغة واصطلاحا

تعريف البداء لغة واصطلاحا

تعريف البداء في اللغة

إن اللغة العربية تعرف البداءة بمعنيين: أوهما: الظهور بعد الخفاء، وثانيهما: حدوث رأي جديد لم يكن من قبل.

البداء بمعنى الظهور

البداء : معناه الظهور بعد الخفاء.

يقال: بدا الشئ يبدو، إذا ظهر، فهو بادٍ، كقول المسافر : بدا لي سور المدينة يقصد أنه ظهر له بعد أن كان خافيا.

قال الراغب الأصفهاني : (بدا الشيء بدواً و بداءً : أي ظهر ظهورا بيّناً). (١) ؛وقال ابن منظور: (بدا الشيء يبدو بدواً، وبُدُوَّاً، وبداءً، وبداً الأخيرة عن سيبويه: ظهر، وأبديته أنا: أظهرته) (٢).

وقال ابن فارس: (الباء والدال والواو أصل واحد وهو ظهور الشيء يقال: بدا الشيء يبدو إذا ظهر فهو باد). (٣)

و من الآيات التي استعمل فيها القرآن الكريم البداء بهذا المعنى : قول الله عز وجل: (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ). (٤) 

وقال سبحانه : (بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِن قَبْلُ ۖ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) (٥)؛ وقال تعالى أيضا : (وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون). (٦)

وقوله : (فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ). (٧)

البداء بمعنى حدوث رأي جديد

و معنى البداء أيضاً: حدوث رأي جديد لم يكن من قبل.

قال ابن فارس: (تقول: بدا لي في هذا الأمر بداءاً أي تغير رأي عما كان عليه) (٨) ؛ وقال صاحب لسان العرب: (وبدا لي بداء أي تغير رأيي على ما كان عليه). (٩) ؛ قال الجوهري: (وبدا له في الأمر بداء أي نشأ له فيه رأي على ما كان عليه).

وورد في مختار الصحاح: (و‏(‏بَدَا‏)‏ له في هذا الأمر ‏(‏بَدَاءٌ‏)‏ بالمد أي نشأ له فيه رأي). (١٠) ؛وفي القاموس المحيط : (وبدا له في الأمر بدو وبداء وبداة، نشأ له فيه رأي، وهو ذو بداوات).

يتضح من خلال النظر إلى المعنى اللغوي للبداء أنه يعني: استصواب شيء بعد العلم به؛ حدوث رأي جديد لم يكن من قبل؛ الظهور بعد الخفاء.

والبداء بمعانيه السابقة يستلزم سبق الجهل، وحدوث العلم وكلاهما محال على الله تعالى، لأن علم الله واسع شامل أزلي أبدي لم يسبق بجهل ولا يلحقه نسيان: 

قال الله تعالى: (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ). (١١) ؛ وقوله تعالى : (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ). (١٢)

تعريف البداء اصطلاحا

عرف الجرجاني البداء في تعريفاته بقوله : (البداء ظهور الرأي بعد أن لم يكن، والبدائية هم الذين جوزوا البداء على الله)؛ وقال أيضا : (البداء ظهور الشيء بعد أن لم يكن به). (١٣) 

يلاحظ مما سبق أن التعريف الاصطلاحي للبداء يتفق مع التعريف اللغوي .

المصادر والمراجع

(١) المفردات في غريب القرآن (٤٠)
(٢) معجم لسان العرب لابن منظور ، مادة (بدا)
(٣) معجم مقاييس اللغة (١-٢١٢)
(٤) القرآن الكريم : سورة الزمر (٣٩) ، الآية : ٤٧ ، الصفحة : ٤٦٣
(٥) القرآن الكريم : سورة الأنعام (٦) ، الآية : ٢٨ ، الصفحة : ١٣١
(٦) القرآن الكريم : سورة الزمر (٣٩) ، الآية : ٤٨ ، الصفحة : ٤٦٤
(٧) القرآن الكريم : سورة الأعراف (٧) ، الآية : ٢٢ ، الصفحة : ١٥٢
(٨) معجم مقاييس اللغة (١-٢١٢)
(٩) معجم لسان العرب لابن منظور ، مادة (بدا)
(١٠) مختار الصحاح، باب الباء، مادة (بدا)
(١١) سورة الأنعام، الآية: ٥٨
(١٢) سورة الزمر، الآية: ٦٢
(١٣) التعريفات، فصل الدال، ٥٠