الحلقة الثالثة : القاعدة الثانية - الرسول صلى الله عليه وسلم للعلامة محمد خليل هراس رحمه الله (مفرغة).
أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو رسول الله لهذه الأمة، المبلغ عنه أمره ونهيه، وأنه خاتم النبيين لا نبي بعده، وأن كل من ادعى النبوة بعده قد ظهر كذبه وافتضح أمره، وأنه هو وحده العصوم الذي لا ينطق عن الهوی ولا یکذب علی الله عز وجل ولا یکتم شیئا مما أمر بتبلیغه؛ و من سواه يجوز أن يخطی ویصیب ویجوز علیه الکذب و الکتمان.
فليس لأحد أن يعدل عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قول أي أحد، ولا أن يعارض قوله بقول أحد، ولا أن يخالف عن أمره أو يقدم بين يديه برأي أو حكم.
بل يجب على كل مسلم أن يتبعه ظاهرًا وباطنا، وأن يأخذ عنه دينه كله، عقيدته وعمله؛ فيصدقه في كل ما أخبر عنه من شئون الغيب التي لا سبيل إلى العلم بها إلا من جهته، ويطيعه في كل ما أمر به معتقدًا أن الرشد كله والهدى والفلاح في امتثال أمره، ويجتنب كل ما نهى عنه من الفواحش والمنكرات وسوء الأعمال ورذائل الأخلاق.
فليس للخلق وسيلة إلى الله في توصلهم إليه، وتنجيهم من عذابه، وتقربهم إليه زلفی؛ إلا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في کل ما جاء به، کما قال تعالی: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف:157].
والطرق كلها إلى الله مسدودة على الخلق إلا طريق من اقتفى أثره واتبع هواه، فهي وحدها الطريق الموصلة إلى الله.
وينبغي أن يعلم مع ذلك: أن محمدًا صلى الله عليه وسلم بشر من الناس ليس إلها ولا ابن إله، وأنه كان يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، وینکح النساء، وتصيبه الأمراض والجراحات، وتنزل به الهموم والأحزان.
وأنه لا يعلم من الغيب إلا ما علمه الله، ولا يملك لنفسه ولا لغيره ضرًا ولا نفعا إلا ما شاء الله، کما قال تعالی من سورة الانعام:{قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ}[الأنعام: 5].
وکما قال من سورة الأعراف: {قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف :188].
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ناصحا لأمته: " لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ".
وقال:"لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا ، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ مَا كُنْتُمْ ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي ".
وروى مالك في الموطأ عنه أنه قال: "اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلُ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ ".
و کذلك صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لابنته فاطمة رضي الله عنها وهي أحب الناس إليه : "اعملي؛ فإني لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا".
وأنه لا يجوز لأحد أن يطلب منه شيئا بعد موته، أو أن يستقبل قبره الشريف في صلاة أو دعاء بل للتسليم فقط،
وأن الصحابة رضي الله عنهم وهم أعرف الناس بقدره وأشدهم له تعظيما ومحبة لم يكونوا يجيئون عند قبره فيشكون إليه أحوالهم، أو يسألون أن يدعو الله لهم ليكشف ما نزل بهم، بل لما قحطوا عام الرمادة وأرادوا السقیا قدموا عمه العباس بن عبد الطلب لیستسقي لهم.
وأما شفاعته صلى الله عليه وسلم في الآخرة؛ فهي حق ثابت بالأحاديث الصحيحة، وله شفاعات متعددة؛
فهو يشفع في عموم الخلق أن يصرفهم الله من هول الموقف، وهذه الشفاعة هي المقام المحمود الذي وعده الله عز وجل، ويشفع في أهل الكبائر من أمته، وأسعد الناس بشفاعته يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصة من قلبه.
[المصدر: غربة الإسلام للعلامة محمد خليل هراس رحمه الله].
أول مدونة سلفية متخصصة في جمع تفريغات الدروس والمحاضرات والخطب وغيرها التي تخدم المنهج السلفي، والهدف من ذلك تقريب العلم الشرعي الصحيح لطلابه..
إشعار : كل حقوق التفريغ محفوظة للمدونة.