النوع السادس من أنواع الشروط عند الحنفية: انفرد به السرخسي دون غيره من علماء الحنيفية وعرفه بأن الشرط الذي يشبه العلة يعارضه ما لا يصلح أن يكون علة للحكم بانفراده. (١)
فلو عارض الشرط ما يصلح أن يكون علة بانفراده يكون شرط لا يشبه العلة ؛ لأن الأصل في إضافة الحكم إضافته إلى العلة ؛
ولما كانت العلة موجبة للحكم لا بذاتها بل يجعل الله تعالى ، دل ذلك أن الحكم يوجد عند وجودها، وهي بهذا تشبه الشرط لأن الحكم يضاف إليه وجود عنده لا وجوبا به ، فأمكن جعل الشرط خلفاً عن العلة في الحكم عند تعذر إضافة الحكم إليها؛ فإذا عارض الشرط ما لا يصلح أن تكون علة، فإن هذا الشيء يكون موجودة بعد وجود الشرط، والمتقدم أولى بخلافة العلة؛
ومتى أمكن جعل المعارض علة بانفراده عندئذ لا حاجة إلى إثبات هذه الخلافة، فلم يجعل للشرط شبه العلة.
ومثل السرخسي لهذا الشرط :
١ - بحفر البئر في أرض الغير (۲)، وهو إزالة مسكة الأرض في ذلك الموضع - فكان شرطا للوقوع؛ و العلة ثقل الماشي، وهي لا تصلح علة للإتلاف بانفرادها، والسبب هو المشي، ولا يصلح علة أيضا، لأنه مباح مطلقا، فتعين الشرط لخلافة العلة في إضافة الحكم إليه، لذلك وجب الضمان على الحافر، ولكن لا يصير مباشرة للإتلاف حتى لا تلزمه الكفارة ولا يحرم من الميراث؛
خلاصة القول: أن الشرط يشبه العلة لما بيّنا، ولا يعتبر علة حكم. (۳)
٢ - أما في حالة عدم مشابهة الشرط للعلة : فمثاله :
١ - بحفر البئر في أرض الغير (۲)، وهو إزالة مسكة الأرض في ذلك الموضع - فكان شرطا للوقوع؛ و العلة ثقل الماشي، وهي لا تصلح علة للإتلاف بانفرادها، والسبب هو المشي، ولا يصلح علة أيضا، لأنه مباح مطلقا، فتعين الشرط لخلافة العلة في إضافة الحكم إليه، لذلك وجب الضمان على الحافر، ولكن لا يصير مباشرة للإتلاف حتى لا تلزمه الكفارة ولا يحرم من الميراث؛
خلاصة القول: أن الشرط يشبه العلة لما بيّنا، ولا يعتبر علة حكم. (۳)
٢ - أما في حالة عدم مشابهة الشرط للعلة : فمثاله :
كما لو شهد اثنان على رجل أنه قال لعبده: إن دخلت دار فلان فأنت حر، وشهد آخران أنه قال لعبده: أنت حر.
فحكم القاضي بعتقه ؛ فالضمان على شهود العلة خاصة، وهم شهود التعليق (٤) سواء رجع الشهود جميعا، أو شهود الشرط وحدهم ؛ لأن شهود التعليق نقلوا قول المولى (أنت حر) ، وهذا بانفراده علة تامة لإضافة حكم العتق إليه ، وفي هذه الحالة لا يكون للشرط شبه بالعلة.
٣ - ومثل له أيضا: بما لو شهد اثنان على رجل أنه خير عبده بين الرق والعتق، وشهد آخران أنه اختار العتق، فحكم القاضي بعنقه ، ثم رجعوا جميعا؛ فالضمان على شهود الاختيار خاصة، لأن التخيير سبب ، وما عارضه وهو الاختيار علة تامة للحكم، فأضيف الحكم إليه دون السبب، لذلك قلنا بتضمين شهوده. (٥)
ينبني على هذا الأصل مسائل منها:
كما لو اختلف حافر البئر مع ولي الواقع فيها، فقال الحافر: أوقع فيها نفسه، وقال الولي: لا بل وقع فيها، فالقول قول الحافر استحسانا لأن الحفر شرط جعل خلفاً عن العلة ، لضرورة كون العلة غير صالحة، فالحافر يتمسك بما هو الأصل، وهو صلاحية العلة للحكم، وینکر سبب الخلافة فكان القول قوله؛
بخلاف الجارح إذا ادعى أن المجروح مات بسبب آخر، وقال الولي: مات من تلك الجارحة، فإن القول قول الولي ؛ لأن الجارح صاحب علة لا صاحب شرط. (٦)
ونری عدم ذكر هذا الشرط استقلالا، إذ يغلب على الظن أن لا فرق بينه وبين الشرط الذي في حكم العلة، لا سيما أن ما ذكره السرخسي من أمثلة لهذا الشرط، قد ذكرها الأصوليون في ذاك.
المصادر والمراجع
(١) أصول السرسخي (٢-٣٢٣)
(۲) هذا المثال ذكره الأصوليون عند تمثيلهم للشرط الذي في معنى العلة. انظر : الشرط في حكم العلة
(٣) أصول السرسخي (٢-٣٢٤،٣٢٣)
(٤) سمي شهود التعليق شهود العلة، وان لم يكن المعلق بالشرط علة قبل وجود الشرط، إما باعتبار أن المعلق بغرض أن يصير علة، فكان هذا تسمية للشيء بما يؤول إليه، أو باعتبار أن الفريقين لما شهدوا وقضي القاضي بشهادتهم قد ثبت للمعلق اتصال المحل بوجود الشرط في زعمهم، وصار علة حقيقة، فيصح تسميتهم بشهود العلة. کشف الأسرار لعلاء الدين البخاري الحنفي (٤-۲۰٧)
(٥) أصول السرسخي (٢-٣٢٤)؛ المغني في أصول الفقه (۳٤۸، ۳٤۹)
(٦) أصول السرسخي (٢-٣٢٤،٣٢٥)
(۲) هذا المثال ذكره الأصوليون عند تمثيلهم للشرط الذي في معنى العلة. انظر : الشرط في حكم العلة
(٣) أصول السرسخي (٢-٣٢٤،٣٢٣)
(٤) سمي شهود التعليق شهود العلة، وان لم يكن المعلق بالشرط علة قبل وجود الشرط، إما باعتبار أن المعلق بغرض أن يصير علة، فكان هذا تسمية للشيء بما يؤول إليه، أو باعتبار أن الفريقين لما شهدوا وقضي القاضي بشهادتهم قد ثبت للمعلق اتصال المحل بوجود الشرط في زعمهم، وصار علة حقيقة، فيصح تسميتهم بشهود العلة. کشف الأسرار لعلاء الدين البخاري الحنفي (٤-۲۰٧)
(٥) أصول السرسخي (٢-٣٢٤)؛ المغني في أصول الفقه (۳٤۸، ۳٤۹)
(٦) أصول السرسخي (٢-٣٢٤،٣٢٥)