تعريف النسخ في اللغة
تعريف النسخ في اللغة : النسخ : مصدر نسخ ، ينسخ ، نسخا، قال الله تعالى: (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). (١)
ویطلق النسخ في اللغة على معنيين :
المعنى الأول : یطلق النسخ على الرفع والإزالة سواء أقيم شي آخر مقامه أم لا .
فمن إطلاق النسخ على إزالة الشيء وإقامة آخر مقامه ما جاء في القاموس المحيط : (نسخه کمنعه أزاله وغيره ، وأبطله وأقام آخر مقامه). (٢)
قال مرتضى الزبيدي في تاج العروس من جواهر القاموس: (والشيء ينسخ الشيء ، أي يزيله ویكون مقامه ، والعرب تقول : نسخت الشمس الظل . وانتسخه ، أزالته ، والمعنى أذهبت الظل وحلت محله). (٣)
وفي المصباح المنير من إطلاق النسخ على الإزالة للشئ والحلول محله كنسخ الشيب للشباب ما ذكره صاحب المصباح بقوله: (قال ابن فارس : فكل شيء خلف شيئا فقد انتسخه ، فيقال : انتسخت الشمس الظل ، و الشيب الشباب ، أزالته ). (٤)
فإن الشمس إذا طلعت صار لكل شخص ظل، فكلما ارتفعت تقلص هذا الظل حتى يزول.
ويذهب الجمهور إلى أن النسخ في القرآن مشتق من هذا المعنى .
يقول الخليل بن أحمد : (والنسخ إزالتك أمر كان يعمل به، ثم تنسخه ....، كالآية تنزل في أمر ، ثم يخفف فتنسخ بأخرى). (٥)
ومن إطلاق النسخ على إزالة الشيء دون أن يقوم مقامه شئ آخر ، ما جاء في لسان العرب: (ونسخت الريح آثار الديار ، غیرتها). (٦)
أي أذهبت فلم يقم شيء مقام آثار الديار .
فالنسخ في الريح لآثار الديار إزالة وتغيير لتلك الآثار مع عدم قيام شيء آخر مقامها .
المعنى الثاني الذي يطلق عليه النسخ: هو النقل والتحويل سواء أكان نقلا حسيا من مكان إلى آخر أو معنويا من حالة إلى أخرى.
فمن النقل الحسي : نقل الشيء دون أن يتغير في ذاته مع انعدامه في المحل الأول .
قال ابن منظور عن ابن الأعرابي : (والنسخ نقل الشيء من مكان إلى مكان وهو هو) (٨)؛ ومنه قولهم : (ونسخت النحل العسل إذا نقلته من خلية إلى خلية). (٩)
ومن النقل الحسي نقل الشيء من مكانه إلى مكان آخر ، مع بقاء الأول كما في نسخ الكتاب ، ومنه قولهم : (نسخت كتابي من كتاب فلان) (١٠) ، إذا نقلته ، فإن نسخ الكتاب نقله وكتابته حرفا بحرف والأصل نسخه والمكتوب عنه نسخة أخرى.
ويذهب بعض العلماء كالطبري والنحاس إلى أن النسخ في القرآن مشتق من هذا المعنی .
يقول ابن جرير الطبري : (وأصل النسخ : من نسخ الكتاب ، وهو نقله من نسخة إلى أخرى غيرها ، فكذلك معنی نسخ الحكم إلى غيره ، إنما هو تحويله ، ونقل عبارته عنه إلى غيرها) . (١٢)
ويقول النحاس : (والآخرين من نسخت الكتاب إذا نقلته من نسخة ، وعلى هذا الناسخ والمنسوخ). (١٣)
وقد عارض هذا القول مكي بن أبي طالب بقوله: (وقد غلط في هذا جماعة ، وجعلو النسخ الذي وقع في القرآن مأخوذة من هذا المعنى، وهو وهم ، وقد انتحله النحاس... وهذا ليس من النسخ الذي هو إزالة الحكم وإبقاء اللفظ ، ولا من النسخ الذي هو إزالة الحكم واللفظ).(١٤)
وأما النقل المعنوي من حال إلى حال : فمنه المناسخات في المواريث لانتقال المال من وارث إلى وارث لأن أصل الميراث لم يقسم بعد وقد قامت ورثة بعد ورثة ، وكذلك تناسخ الأزمنة والقرون إذا حل زمان أو قرن مكان الآخر بعد انقضائه ؛ فتتغير تبعا لذلك أحوال الأمة.
قال ابن منظور : (والأشیاء تتناسخ وتتداول ویکون بعضها مكان بعض كالدول والملك وفي الحديث: (وإنَّهَا لَمْ تَكُنْ نُبُوَّةٌ قَطُّ إلَّا تَنَاسَخَتْ) أي تحولت من حال إلى حال یعنی أمر الأمة وتغایر أحوالها). (١٥)
فينتج مما تقدم أن تعريف النسخ في اللغة العربية أطلق على الإزالة وعلى النقل .
قال ابن عثيمين في كتابه الأصول من علم الأصول (٥١): النسخ لغة : النقل والإزالة.
المصادر والمراجع
(١) سورة البقرة، الآیة ١٠٦
(٢) الفيروز أبادي ، القاموس المحيط (۱-٢٦٩)
(٣) تاج العروس من جواهر القاموس (۲-٢٨٢) ، مادة (نسخ)
(٤) المصباح المنير (٢-۲۷۱)
(٥) معجم العين (٤-٢٠١)
(٥) معجم العين (٤-٢٠١)
(٦) لسان العرب لابن منظور (٣-١١)
(٨) لسان العرب (٣-٦١)
(٩) التقرير والتحبير شرح تحرير لابن الهمام (۳-٤١)
(١٠) أساس البلاغة (٤٥٤)
(١١) سورة الجاثية، الآية:۲۹
(١٢) جامع البيان (٢-٤٧٢)
(١٣) الناسخ والمنسوخ ، للنحاس (١-٤٢٤)
(١٤) الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه (٤٧،٤٨)
(١٥) لسان العرب لابن منظور (٣-٦١)
(٢) الفيروز أبادي ، القاموس المحيط (۱-٢٦٩)
(٣) تاج العروس من جواهر القاموس (۲-٢٨٢) ، مادة (نسخ)
(٤) المصباح المنير (٢-۲۷۱)
(٥) معجم العين (٤-٢٠١)
(٥) معجم العين (٤-٢٠١)
(٦) لسان العرب لابن منظور (٣-١١)
(٨) لسان العرب (٣-٦١)
(٩) التقرير والتحبير شرح تحرير لابن الهمام (۳-٤١)
(١٠) أساس البلاغة (٤٥٤)
(١١) سورة الجاثية، الآية:۲۹
(١٢) جامع البيان (٢-٤٧٢)
(١٣) الناسخ والمنسوخ ، للنحاس (١-٤٢٤)
(١٤) الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه (٤٧،٤٨)
(١٥) لسان العرب لابن منظور (٣-٦١)